محمد الخالصي

من ویکي‌وحدت

محمّد بن محمّد مهدي الخالصي : عالم مجاهد، وداعية وحدة وإصلاح معروف. شارك في جميع النشاطات السياسية الإسلامية في بلده، وكانت له مشاركة في الحركة الدستورية الإيرانية بالتعاون مع الآخوند الملّا محمّد كاظم الخراساني، وكانت له مشاركة فعّالة في مشاريع إصلاح الدول العثمانية، ومنها مشروع إصدار دستور للدول.

الشيخ محمّد الخالصي
الاسم محمّد الخالصي‏
الاسم الکامل محمّد بن محمّد مهدي بن حسين بن عبد العزيز الخالصي الكاظمي الأسدي
تاريخ الولادة 1888م/1305ق
محلّ الولادة الکاظمیة (العراق)
تاريخ الوفاة 1963م/1382ق
المهنة عالم دیني، وداعية وحدة
الأساتذة الشيخ محمّد مهدي الخالصي، الميرزا محمّد تقي الشيرازي
الآثار الجمعة، تفسیر القرآن، کتاب الحجاب، خرافات الشیخیة،إحیاءالشریعة في مذهب الشیعة،المعارف المحمّدية
المذهب شیعي

الولادة

ولد محمّد بن محمّد مهدي بن حسين بن عبد العزيز الخالصي الكاظمي الأسدي عام 1888 م في مدينة الكاظمية المقدّسة الواقعة شمالي مدينة بغداد، والده آية اللَّه العظمى الشيخ محمّد مهدي الخالصي قائد حركة الجهاد عام 1914 م وأحد قوّاد ثورة عام 1920 م الإسلامية في العراق ضدّ الاحتلال البريطاني.


الدراسة والتحصيل العلمي

أنهى الخالصي دراساته العلمية والفلسفية في مدّة قصيرة على يد علماء زمانه، وخاصّة والده الإمام الخالصي الكبير والميرزا محمّد تقي الشيرازي، ودرس العلوم الحديثة على يد مدرّسين خصوصيّين، إضافة إلى الفلسفة الغربية واللغات الأجنبية، وكتاب «المعارف‏ المحمّدية» نموذج على نشاطه العلمي المبكّر، حيث ألّفه في بدايات أيّام شبابه، وطبع في مصر عام 1922 م، وتقرّر تدريسه في مدرسة والده الشيخ الخالصي في الكاظمية.

الجهاد والمشاركة السياسية

شارك في جميع النشاطات السياسية الإسلامية في بلده، وكانت له مشاركة في الحركة الدستورية الإيرانية بالتعاون مع الآخوند الملّا محمّد كاظم الخراساني، وكانت له مشاركة فعّالة في مشاريع إصلاح الدول العثمانية، ومنها مشروع إصدار دستور للدول.

كما كانت له مشاركة فعّالة إلى جانب والده في الجهاد الإسلامي ضدّ هجوم الروس على إيران وهجوم الإيطاليّين على طرابلس الغرب «ليبيا اليوم».

شارك شخصياً إلى جانب والده في معارك الجهاد ضدّ الغزو البريطاني للعراق، وكانت جبهة الحويزة في جنوب العراق هي التي شهدت جهاده ضدّ الإنجليز. وبعد سقوط بغداد عام 1917 م اضطرّ مع المجاهدين إلى الانسحاب إلى الموصل، وبقى فيها مدّة عامين يدير الجهاد ضدّ الإنجليز ويخطّط لتحرّك جديد ضدّهم بالتعاون مع العشائر العراقية وحتّى تهيئة الأُمور لقيام ثورة العشرين.

وعندما قرّرت قيادة الثورة المتمثّلة بالخالصي الكبير والميرزا الشيرازي القيام بالثورة عُهِدَ إليه إعلان ذلك، وتمّ الأمر في خطابه الشهير التاريخي الذي ألقاه في الاجتماع الحاشد في صحن العبّاس بن علي (عليه السلام) في مدينة كربلاء المقدّسة بتاريخ 12/ 6/ 1920 م الذي ضمّ إضافة إلى القائدين الكبيرين جموع هائلة من المجاهدين وشيوخ العشائر وغيرهم، والخطبة مثبتة بالكامل ضِمنَ وثائق الثورة.

بعد أن أخفقت الثورة في تحقيق أهدافها عمد الإنجليز إلى لعبة سياسية، وهي تنصيب الملك فيصل الأوّل ملكاً على العراق لإضفاء الشرعية على استعمارهم، فثابر الخالصي على مخالفة ذلك وجاهد حتّى لا يتحقّق هذا الأمر، ممّا أثار حفيظة الحاكم السياسي الإنجليزي للعراق «برسي كوكس»، فسارع إلى نفيه خارج العراق، وتمّ ذلك في 22/ 8/ 1922 م، وذلك قبل نفي والده الخالصي الكبير بتسعة أشهر، والذي أدّى إلى احتجاج المراجع الآخرين ومن ثمّ نفيهم إلى خارج العراق، كالسيّد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ‏ النائيني وغيرهما.

وعندما وصل الخالصي إلى طهران رأى أنّ رضا خان بهلوي- وهو في بدايات حكمه قبل أن يصبح ملكاً- يعدّ العدّة لإعلان الجمهورية بدعم من الإنجليز على غرار جمهورية أتاتورك في تركيا، فقاوم هذه المخطّطات، ممّا جعله في مواجهة رضا شاه والإنجليز مرّة أُخرى، ووقف مواقف مشهودة، ومنها قيادته للمسيرة الجماهيرية الكبرى في المسجد الكبير في طهران «المسجد السلطاني» إلى مجلس النوّاب الإيراني لإنقاذ العلماء المجاهدين من يد طغيان رضا شاه، واصطدامه برضا شاه الطاغية في المجلس مباشرة، وهذه قصّة طويلة مذكورة بتفاصيلها في الكتاب المؤلّف عن حياته.

مكث رضا شاه البهلوي فترة يتحيّن الفرصة للإيقاع بالخالصي حتّى حدثت قضية مقتل «جون إمبري» القنصل الأمريكي في طهران، فما كان من رضا شاه البهلوي إلّا أن أسرع لإلقاء تبعة ذلك على الإمام الخالصي، وتمّ اعتقاله في سجن طهران، ومن ثمّ نفيه إلى مدينة «خواف» على حدود أفغانستان واعتقاله في قلعتها الرهيبة، وأثناء نفيه وسجنه هذا تمّ تعيين رضا شاه ملكاً على إيران.

بعد أن سيطر رضا شاه على السلطة تنقّل الخالصي بعد منفى وسجن خواف إلى سجون ومنافي طهران ونهاوند وملاير وتويسركان وكاشان وطهران مرّة أُخرى ويزد ومن ثمّ طهران، وبقي مدّة 27 عاماً متنقّلاً في المنافي والسجون!

وسمح له لأوّل مرّة بالعودة إلى وطنه العراق، وعاد في 4/ 11/ 1949 م إلى وطنه، ووجد أنّ هناك اتّجاهين في العراق أحدهما متعاون مع الغرب ومتفاعل معه، وكان هذا الاتّجاه ممثّلاً بالسلطة الملكية، وآخر ذا اتّجاهات يسارية ويلعب الحزب الشيوعي دوراً فيه، فشمّر ساعد الجدّ ليعيد العراق إلى الإسلام الأصيل محاولاً تجديد روح ثورة العشرين الإسلامية الوطنية في الأُمّة رافعاً شعار «لا شرقية ولا غربية»، ودام هذا الأمر حتّى قيام ثورة 14/ تمّوز/ 1958 م.

وبعد هذه الثورة وسيطرة عبد الكريم قاسم والشيوعيّين على الحكم وما ارتكبوه من مجازر فظيعة وحمّامات دم تقشعرّ لهولها الأبدان، تصدّى ببطولة نادرة للوقوف بوجه هذا الحكم الأهوج ودموية الشيوعيّين وإجرامهم في مواقف يشهد لها العراقيّون جميعاً، ولعب دوراً هامّاً في إسقاط عبد الكريم قاسم وعدم السماح للحزب الشيوعي بالسيطرة على الأُمور وإعادة المجازر الدموية من جديد.

الجهود الإصلاحية

بعد تسلّط العفالقة على الحكم عام 1963 م رأى الإمام الخالصي أنّ من واجبه التصدّي للانحراف الجديد المتمثّل بالحزب، وأوضح مراراً من على منبر الجمعة أنّ هذا الاتّحاد الاستعماري الجديد ينبغي مقاومته والجهاد ضدّه، وأعلن صرخته قائلاً: «قل أعوذ بربّ الفلق، من شرّ ما خلق، ومن شرّ ميشيل عفلق!».

وتصدّى الخالصي بكلّ شجاعة وفداء لأيّ انحراف عن الإسلام، سواء كان شرقياً أم غربياً، فكرياً أم عقائدياً أم سلوكياً، لذلك حارب الغرب والشيوعية وعملاءهم والمنحرفين من المتزيّين بزيّ الدين والمروّجين للبدع والخرافات والضلالات، لذلك استقطب أحقاد كلّ هذه الفئات وإمكانياتها الهائلة التي ما فتئت تستعمل سلاح الإشاعة ضدّه، ولكنّه وقف بشجاعة فائقة وكان طوداً شامخاً لا يأبه لهذه الترهات والسفاسف.

ومثال ذلك الإشاعات التي تقول: إنّه يحارب الإنجليز لأنّه واقع تحت تأثير البلاشفة، أو تلك التي تفتري بأنّه يحارب الشيوعية بداوفع غربية. وتتضخّم الإشاعات أكثر فأكثر عندما يدعو إلى نهج ديني إصلاحي وتنزيه الدين من البدع والخرافات والأهواء وإرجاعه إلى أصله الأصيل في كتاب اللَّه وسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله). وقد لعب بعض المعمّمين الجاهلين الذين غلبت عليهم صفة التخلّف دوراً كبيراً في ترويج الإشاعات الكاذبة.

كان يعتقد جازماً أنّ واجب علماء الإسلام هو قيادة الأُمّة ورعاية شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعدّ التخلّي عن ذلك تخلّياً عن واجب أساس من الواجبات الشرعية لعالم الدين، وفي سبيل ذلك تحمّل السجن والتشريد والنفي مدّة 27 عاماً في إيران حتّى لا يعطي مع والده تعهّداً خطّياً للإنجليز وفيصل الأوّل بعدم التدخّل في السياسة، وعاد إلى وطنه العراق من دون أن يعطي مثل هذا التعهّد المذلّ، على خلاف من وقّعوا وعادوا، وبقي مع والده في إيران متحمّلين العذاب من أجل ألّا يتخلّوا عن واجبهم الشرعي، هذا في وقت ركنت الأغلبية من أهل الشأن إلى القعود والانزواء والابتعاد عن تحمّل المسؤوليات الشرعية.

نظراً للتخلّف الذي كان سائداً في أجواء الحوزات العلمية فقد بذل الخالصي جهوداً مكثّفة لإصلاح الحوزات العلمية ونقلها إلى أجواء العصر الحديث داعياً علماء وطلبة الحوزات العلمية إلى تعلّم العلوم الحديثة واللغات الأجنبية، وقد ألقى خطابين هامّين جدّاً بهذا الخصوص: أحدهما في صحن السيّدة معصومة بمدينة قم، والآخر في المدرسة الفيضية، وذلك بتاريخ 21/ 3/ 1943 م، ضمّنه هذه المقترحات، هذا إضافة إلى بحوثه ومؤلّفاته التي نهج بها نهج التطوّر والتحديث... وعلى هذا الأساس أسّس حوزته العلمية في مدينة الكاظمية المقدّسة باسم «جامعة مدينة العلم للإمام الخالصي الكبير» لتخريج علماء دين حضاريّين يحملون الإسلام بلباسه الحضاري العظيم، ولولا كيد الأعداء وجهل الأبناء فإنّه كان يُرجى دور عظيم لهذه الجامعة لخدمة العالم الإسلامي وحمل الإسلام رسالة عالمية إلى العالم، علماً بأنّ هذه الجامعة استولى عليها النظام الحاكم آنذاك وصادر مكتبتها الثمينة العريقة وبقية محتوياتها.

لقد استند الخالصي في دعوته إلى الإسلام وهداية الناس من أجل عودة المسلمين إلى الأصل الأصيل للإسلام (الكتاب والسنّة)، وكما أكّد ذلك ووضّحه أئمّة أهل بيت النبي محمّد (صلى الله عليه وآله)..وكان يرى أنّ هذا هو الطريق الوحيد لوحدة العالم الإسلامي.

وبذل جهداً كبيراً ومتميّزاً في محاربة البدع والخرافات التي أُلصقت بالمسلمين عموماً وبأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) «الشيعة الإمامية» خاصّة، وجسّد يراعه ذلك في كتب ومؤلّفات وبحوث قيّمة وممارسات عملية، هذا إضافة إلى خطبه وأحاديثه الأخّاذة.

الخالصي والوحدة الإسلامية

كان الشيخ محمّد الخالصي داعية كبيراً للوحدة الإسلامية، دعا إليها بجدّ وحماس، وكان يراها الطريق الوحيد للوقوف بوجه مكائد المستعمرين، وسعى سعياً حثيثاً لتحقيق الوحدة بين المسلمين كافّة..

وبناءً على ذلك فهو يتمتّع بمكانة خاصّة لدى عامّة المسلمين الواعين سنّة وشيعة وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي.

وقد قلنا سابقاً : إنّ الخالصي استند في دعوته إلى الإسلام وهداية الناس من أجل عودة المسلمين إلى الأصل الأصيل للإسلام (الكتاب و السنّة)، وكما أكّد ذلك ووضّحه أئمّة أهل بيت النبي محمّد (صلى الله عليه وآله)..وكان يرى أنّ هذا هو الطريق الوحيد لوحدة العالم الإسلامي.


الوفاة

توفّي الخالصي في 21/ 12/ 1963 م في مستشفى الرازي جوار مسجد براثا في بغداد الكرخ، حيث غسّل فيه وتمّ تشييعه محمولاً على الأكتاف تشييعاً مهيباً لا سابق له في العراق إلى مدينة الكاظمية مروراً بمدينة بغداد عبر جسر الصرّافية والأعظمية وجسر الأئمّة فالكاظمية، ودفن في حجرته الخاصّة في الصحن الكاظمي المطهّر، وهذه الحجرة كانت محلّ دراسته أيّام بدايات عمره الشريف.

المصدر

(انظر ترجمته في: علماء الشيعة: 23- 29 (المقدّمة)، الذريعة 18: 10 و 25: 115، 204، الأعلام للزركلي 7: 86، موسوعة طبقات الفقهاء 14: 592- 594).