عبد ربه بن أعين بن سنسن

من ویکي‌وحدت
الاسم عبد ربه بن أعين بن سنسن (زُرارة بن أعين) [١]
تاريخ الولادة 80 هجري قمري
تاريخ الوفاة 150 هجري قمري
كنيته أبوالحسن، أبو علي [٢].
نسبه الشيباني [٣].
لقبه زُرارة، الكوفي [٤].
طبقته السادسة [٥].

عبد ربه بن أعين بن سنسن هو تُعدّ أُسرة من الأُسر الجليلة، وقد كان لها دور هام في تاريخ الثقافة الشيعية. فقد أنجبت علماء كباراً حضروا عند الإمامين الباقر والصادق ‏عليهما السلام، واستطاعوا أن ينقلوا للأجيال اللاحقة كنوزاً قيّمة من فقه آل محمد صلى الله عليه وآله [٦].

ترجمته

كان أعين غلاماً رومياً، اشتراه رجل من بني شيبان فربّاه وتبنّاه فأحسنَ تأديبه، فحفظ القرآن وعرف الأدب، فصار أديباً بارعاً، فقال له مولاه: أستلحقك؟ فقال: لا، ولائي منك أحبّ إليّ من النسب، فلمّا كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم، وكان راهباً اسمه سُنْسُن، وذكر أنّه من غسّان ممّن دخل بلاد الروم في أول الإسلام [٧]. واختلف في عدد بني أعين بين ثمانية وعشرة وستة عشر وسبعة عشر، ولهم أُخت يقال لها «أُم الأسود». وقد لقي بعضهم وأبناؤهم الإمامين الباقر والصادق‏ عليهما السلام [٨]، منهم: حُمران بن أعين وابناه: حمزة ومحمد، وبكير بن أعين وابنه عبداللَّه، وعبدالرحمان بن أعين، وعبدالملك بن أعين وابنه ضُرَيْس [٩]. واسم زرارة: عبد ربّه، وطبقاً لعدّة نسخ من رسالة أبي غالب الزُراري فإنّه عاش سبعين عاماً [١٠]. وكان له ثمانية أبناء، صار بعضهم من أصحاب الصادق عليه السلام، وهم: الحسن والحسين وعبيداللَّه [١١]. وكان وسيماً جسيماً أبيض، وكان يخرج إلى‏ الجمعة وعلى‏ رأسه برنس أسود، وبين عينيه سجّادة، وفي يده عصا، فيقوم له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته، فربمّا رجع عن طريقه [١٢]. ونُسب إلى‏ بني شَيْبان لأنّه كان لأُسرة أَعْين ولاء حلف مع بني شيبان [١٣]. وكان زرارة ماهراً في الجدل، ومناظراً لايقوم أحد لحجّته، صاحب إلزام وحجّة قاطعة، إلّا أنّ العبادة أشغلته عن الكلام، والمتكلّمون من الشيعة تلاميذه [١٤]. ويبدو من بعض المصادر: أنّ الإمام الصادق ‏عليه السلام كان يعتمد عليه في بيان الفقه للآخرين، كما يكشف ذلك إرجاع الإمام ‏عليه السلام الرجل الشامي إليه في الفقه ومسائله [١٥]. كما يبدو أنّ زرارة كان يستعمل القياس في مناظراته لإبطال القياس عند الآخرين، حتّى‏ قال الإمام الصادق ‏عليه السلام للشامي الذي ناظره في الفقه: «... وأمّا زرارة فقاسك، فغلب قياسه قياسك» [١٦]. ولعلّ أخذه بالقياس كان لمناسبة الجو الحاكم على‏ الكوفة آنذاك، في النصف الأول من القرن الهجري الثاني، حيث كان يعيش أبو حنيفة واشتهر باعتباره أبرز أصحاب الرأي والقياس [١٧]. وينبغي الإشارة هنا إلى‏ نقطة مهمّة هنا، وهي أنّ المحدّثين الشيعة الكبار في العراق كانوا يتأثّرون في تلك الفترة بثقافة القياس في مجال الاستنباط الفقهي، إلّا أنّهم كانوا يواجَهون من قبل الأئمةعليهم السلام بالنهي والزجر عنه. ومن ذلك ماورد من قول الصادق ‏عليه السلام لأبان بن تغلب في حوار له معه: «يا أبان، إنّك أخذتني بالقياس، والسنّة إذا قيست مُحق الدين» [١٨]. ويظهر من رسالة أبي غالب الزراري - أحد أحفاد زرارة -: أنّ أول من عرف التشيّع منهم هي (أُم الاسود) أُختهم من جهة أبي خالد الكابلي. وروي: أنّ أول من عرف هذا الأمر منهم: عبدالملك، عرفه من صالح بن ميثم، ثم عرفه حمران من أبي خالد الكابلي [١٩]. وقد اعتبره علماء السنّة ومنهم: ابن قتيبة و الاسفراييني وابن حزم والذهبي من الغالية، ومن الرافضة، ومن أهل البدع، أو أنّه فطحي المذهب، ويقول بإمامة عبداللَّه بن جعفر الأفطح، أو عبداللَّه بن محمدبن علي بن الحسين بن علي‏ عليه السلام، ثم انتقل إلى‏ مذهب الموسوية وبدعته؛ لأ نّه قال: لم يكن اللَّه حيّاً ولا قادراً ولا عالماً، ولا سميعاً ولا بصيراً ولا مريداً، حتّى‏ خلق لنفسه هذه الصفات [٢٠]. كما وروي: أنّه كان شاكّاً في إمامة الكاظم‏ عليه السلام [٢١]، وأنّه كان منحرف العقيدة بشأن الغيبة [٢٢]، وأنّه عند موته كان يشهد أنّه ليس له إمام غير القرآن [٢٣]. إلّا أنّ علماء الشيعة ردّوا هذه الروايات في كتبهم [٢٤]. فقال المامقاني: «إنّ زرارة في الأصل كان عامياً ثم اهتدى‏ إلى‏ الحقّ» [٢٥]، وكذلك يبدو من رجال الكشّي وبحار الأنوار: أنّه كان تلميذاً للحَكَم بن عُتيبة [٢٦]، إلّا أنّ الإمام الباقرعليه السلام حذّره من مجالسة أصحاب القياس، فقال‏ عليه السلام: «يازرارة، إياك وأصحاب القياس في الدين، فإنّهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلّفوا ماقد كفوه، يتأوّلون الأخبار، ويكذبون على‏ اللَّه» [٢٧]. ومن جميع ماذكرنا يبدو بجلاء أنّ زرارة اتّجه أخيراً إلى‏ مذهب الشيعة، وأصبح من أبرز شخصيات المذهب. هذا وذكر الشيخ الطوسي: أنّ لزرارة تصانيف، منها: الاستطاعة والجبر [٢٨].

موقف الرجاليّين منه

لقد سكت أكثر رجاليّي أهل السنّة وأصحاب التراجم قبال هذه الشخصية المشهورة عند الشيعة، إلّا أنّ الذهبي وابن حجر ذكراه بشكل مجمل [٢٩]، واعتبره ابن حزم محدّثاً ضعيفاً [٣٠]. فيما عدّه ابن أبي الحديد من فقهاء الشيعة [٣١]، واعتبره ابن النديم أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثاً، ومعرفةً بالكلام والتشيّع [٣٢]. وأمّا رجاليّو الشيعة وأصحاب التراجم منهم، فقد أشادوا بجلالته، فعدّه الشيخ الطوسي من الحفّاظ الضابطين للحديث [٣٣] وعدّه النجاشي والعلّامة الحلّي شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم، وكان قارئاً فقيهاً، متكلّماً شاعراً أديباً [٣٤]. يقول جميل بن درّاج - أحد رواة الشيعة البارزين -: «إي واللَّه، ماكنّا حول زرارة بن أعين إلّا بمنزلة الصبيان في الكتّاب حول المعلّم» [٣٥]. وعدّه الكشّي من أصحاب الإجماع، فقال: «أجمعت العصابة على‏ تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفرعليه السلام وأبي عبداللَّه ‏عليه السلام، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستّة: زرارة و...، وأفقه الستّة: زرارة» [٣٦]. وعدّه البرقي والشيخ الطوسي من أصحاب الأئمة الباقر والصادق والكاظم ‏عليهم السلام [٣٧]. ويبدو من خلال الأحاديث التي نقلها الكشّي عن أواخر حياته، ومساعيه لمعرفة الإمام من بعد الإمام الصادق ‏عليه السلام في تلك الظروف الصعبة: أنّه كان في حالة فحص عن إمام زمانه، وأنّ إمامه القرآن، وأنّه لم يتوصّل بعد لمعرفة الإمام الكاظم ‏عليه السلام كإمام سابع من الأئمة المعصومين [٣٨]. إلّا أنّ المحقّق الخوئي قال في ذلك: «وهذا ينافي عدّ الشيخ الطوسي في رجاله زرارة من أصحاب الكاظم، الظاهر في روايته عنه‏ عليه السلام على‏ ما ذكره في أول كتابه، فكيف يمكن أنّ زرارة مات وهو لايعرف إمامه الكاظم ‏عليه السلام؟! بل هذا ينافي ماذكره ابن فضّال من أنّه مات بعد أبي عبداللَّه‏ عليه السلام بسنة أو بنحو منه، وماذكره الشيخ الطوسي والنجاشي من أنّ زرارة مات سنة 150 ه » [٣٩].

زرارة وأهل البيت‏ عليهم السلام

ادّعى‏ الثوري أنّ زرارة لم ير الإمام الباقرعليه السلام [٤٠]، وإنّما هو تتبّع أحاديثه فحسب، إلّا أنّ عدد الروايات التي نقلها زرارة عن الإمامين الصادق والباقرعليهما السلام تدلّ على‏ علاقته الوثيقة بأهل البيت‏ عليهم السلام، فقد وقع بعنوان «زرارة» في إسناد ألفين وأربعة وتسعين مورداً [٤١]. كما وردت في حقّه روايات كثيرة على‏ لسان الإمامين الصادق والكاظم‏ عليهما السلام. ونقل أيضاً بعض الروايات في ذمّه جرى‏ حولها البحث والنقاش بين رجالييّ الشيعة، وقد أثبت الجميع - بما لايدع مجالاً للشكّ - علوّ منزلته عند الإمام الصادق‏ عليه السلام [٤٢].

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه [٤٣]

روى‏ عن جماعة، منهم: أبو الخطاب، أَخَواه: بكير و حمران، عمر بن حنظلة، محمد ابن مسلم. وروى‏ عنه جماعة، منهم: أبو بصير، أبو عُيَينة، ابن أبي ليلى‏، ابن رئاب، ابن مسكان، جميل بن درّاج،نصر بن مزاحم. وكان زرارة كثير الرواية، فوصل عدد رواياته 2094 رواية، كانت 78 رواية منها على‏ نحو الإضمار عن الإمام الباقر أو الصادق‏ عليهما السلام، و156 رواية على‏ نحو الإضمار عن أحدهما من غير تعيين [٤٤]. ووقع بعنوان «زرارة بن أعين» في إسناد عدّة من الروايات تبلغ 117 مورداً [٤٥]. وقد وردت رواياته في الكتب الأربعة للشيعة، وغيرها من كتبهم [٤٦].

وفاته

توفِّي زرارة سنة 150 ه، عن سبعين أو تسعين عاماً [٤٧].

الهوامش

  1. ميزان الاعتدال 2: 69، الفهرست لابن النديم: 276، الجرح والتعديل 3: 604، رجال ابن داود: 96.
  2. رسالة أبي غالب الزراري: 133، الفهرست للطوسي: 74.
  3. أعيان الشيعة 7: 46، مجمع الرجال 3: 26.
  4. لسان الميزان 2: 473.
  5. أنظر: تقريب التهذيب: المقدّمة و1: 303 ترجمة أبي حنيفة، حيث توفّيا في سنة واحدة.
  6. أنظر: رسالة أبي غالب الزراري: 129 - 133.
  7. رسالة أبي غالب الزراري: 130، الفهرست لابن النديم: 276.
  8. رسالة أبي غالب الزراري: 114، 130، 138، 139، 189، 190.
  9. المصدر السابق: 129 - 133.
  10. أعيان الشيعة 7: 46، رسالة أبي غالب الزراري: 208 (فهرس الأعلام).
  11. رسالة أبي غالب الزراري: 131، أعيان الشيعة 7: 46.
  12. أعيان الشيعة 7: 46.
  13. الفوائد الرجالية 1: 229.
  14. المصدر السابق: 47.
  15. تنقيح المقال 1: 439.
  16. راجع رجال الكشّي: رقم (494).
  17. كانت سنة ولادة ووفاة زرارة وأبي حنيفة متطابقة.
  18. الكافي 7: 300.
  19. رسالة أبي غالب الزراري: 130، 135.
  20. المعارف: 624، الفرق بين الفرق: 70، ميزان الاعتدال 2: 69، جمهرة أنساب العرب: 59، الغدير 3: 112، 113، الوافي بالوفيات 14: 194.
  21. رجال الكشّي: رقم (253).
  22. المصدر السابق: رقم (260).
  23. المصدر نفسه: رقم (256).
  24. أنظر: قاموس الرجال 4: 415، أعيان الشيعة 7: 46.
  25. تنقيح المقال 1: 445.
  26. المصدر السابق: 358، رجال الكشّي: رقم (370)، وانظر: تاريخ الإسلام 7: 345.
  27. بحار الأنوار 2: 309.
  28. الفهرست للطوسي: 74.
  29. ميزان الاعتدال 2: 69، لسان الميزان 2: 474.
  30. جمهرة أنساب العرب: 59.
  31. شرح نهج البلاغة 16: 246.
  32. الفهرست: 276.
  33. رسالة أبي غالب الزراري: 208 (فهرس الأعلام).
  34. رجال النجاشي: 175، خلاصة الأقوال: 152.
  35. رجال الكشّي: رقم (213).
  36. المصدر السابق: رقم (431).
  37. رجال البرقي: 14، 16، 47، رجال الطوسي: 123، 201، 350.
  38. رجال الكشّي: رقم (251)، (252)، (253)، (255).
  39. معجم رجال الحديث 8: 241.
  40. ميزان الاعتدال 2: 70.
  41. أنظر: معجم رجال الحديث 8: 254.
  42. تنقيح المقال 1: 438، منهج المقال: 142.
  43. معجم رجال الحديث 8: 254 - 256.
  44. معجم رجال الحديث 8: 254 - 255.
  45. المصدر السابق: 267.
  46. جامع الرواة 1: 324، كتاب الخصال: 701 (فهرس الأعلام)، أمالي المفيد: 23، 51، 68، 88، كتاب التوحيد: 543 (فهرس الأعلام).
  47. رجال النجاشي: 175، رجال الطوسي: 201، تنقيح المقال 1: 445، رسالة أبي غالب الزراري: 208 (فهرس الأعلام).