عبدالله بن العباس

من ویکي‌وحدت

عبدالله بن العباس: وهو ابن عم رسول اللّه. كان فقيهاً مفتياً محدثاً عالماً بالتفسير، وهو أوّل من أملى في تفسير القرآن عن الإمام علی (عليه السّلام) وكان يسمّى البحر والحَبْر لغزارة علمه، لأنه مسح النبي(ص) على ناصيته وقال: اللَّهمّ علَّمه الحكمة و تأويل الكتاب. وكان ابن عباس محباً لعليّ (عليه السّلام) ملازماً لطاعته في حياته وبعد مماته، وكان تلميذه وخرّيجه، وقد شهد مع الإمام علی (عليه السّلام) حروبه كلَّها الجمل وصفين و النهروان، وولَّاه أمير المؤمنين البصرة بعد ظفره بـ أصحاب الجمل، وكان يُعدّه لمهامّ الأُمور فقد أرسله إلى أُمّ المؤمنين بعد حرب الجمل فكان له في ذلك المقام المشهود، وأراده للحكومة يوم صفين، فأبى أهل الجباة السود العمي القلوب، وبعثه إلى الخوارج يوم النهروان فاحتجّ عليهم بأبلغ الحجج، وله في نصرة علي (عليه السّلام) وأبنائه مواقف مشهورة.

عبد اللَّه بن العباس (3قبل الهجرة ــ 68ق)

وهو ابن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس المدني، ابن عم رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وُلد في الشِّعب بمكة وبنو هاشم محصورون، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.

من روی عنهم ومن رووا عنه

روى عن النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وعن عليّ (عليه السّلام) و أبي بن كعب، و عمار بن ياسر بن عامر و أبي ذر الغفاري، و عمر بن الخطاب، و بريدة بن الحصيب الأسلمي، وطائفة. [١] روى عنه: سعيد بن جبير، وأبو أُمامة أسعد بن سهل بن حنيف، و أبو الطفيل عامر بن واثلة، و عطاء بن أبي رباح، و عمرو بن دينار، وأبو الشعثاء جابر ابن زيد، و عكرمة، وآخرون.

فتاواه وفقاهته

وكان فقيهاً مفتياً محدثاً عالماً بالتفسير، وهو أوّل من أملى في تفسير القرآن عن الإمام علی (عليه السّلام) وكان يسمّى البحر والحَبْر لغزارة علمه. رُوي عنه أنّه قال: دعاني رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، فمسح على ناصيتي وقال: اللَّهمّ علَّمه الحكمة و تأويل الكتاب. وكان خطيباً مصقعاً ومناظراً قديراً، وكان عمر يدنيه ويشاوره مع كبار الصحابة، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات. عُدّ من المكثرين في الفتيا من الصحابة، ونقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» 201 فتوى، وكان ممن ثبت على القول بإباحة نكاح المتعة وعدم نسخها. قال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، وإنّ أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلَّهم يصدرهم في واد واسع. وكان ابن عباس محباً لعليّ (عليه السّلام) ملازماً لطاعته في حياته وبعد مماته، وكان تلميذه وخرّيجه، قيل له: أين علمك من علم ابن عمّك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط[٢] وإلى هذا المعنى أشار محمود البغدادي، فقال: وأفصحَ عبد اللَّه عن كُنه ِ موقفٍ وذلك حبْر ثاقبُ الفكر عَيْلَمُ ألا إنّ علمي للوصي كقطرةٍ إلى البحر ما لابن الفواطم توأمُ.[٣]

مشاهده وحروبه مع الإمام علی

وقد شهد ابن عباس مع الإمام علی (عليه السّلام) حروبه كلَّها الجمل وصفين و النهروان، وولَّاه أمير المؤمنين البصرة بعد ظفره بأصحاب الجمل، وكان يُعدّه لمهام الأُمور فقد أرسله إلى أُمّ المؤمنين بعد حرب الجمل فكان له في ذلك المقام المشهود، وأراده للحكومة يوم صفين، فأبى أهل الجباة السود العمي القلوب، وبعثه إلى الخوارج يوم النهروان فاحتجّ عليهم بأبلغ الحجج، وله في نصرة علي (عليه السّلام) وأبنائه مواقف مشهورة. جاء في شرح نهج البلاغة 5 - 179: وأمّا اليوم الخامس أي من أيام صفين فانّه خرج فيه عبد اللّه بن عباس، فخرج إليه الوليد بن عقبة.. فأرسل إليه عبد اللَّه بن العباس أن ابرز إلي، فأبى أن يفعل، وقاتل ابن عباس ذلك اليوم قتالًا شديداً. ومن شعره في أمير المؤمنين (عليه السّلام): وصي رسول اللّه من دون أهله وفارسُه إن قيل هل من مُنازلِ فدونكه إن كنت تبغي مهاجراً أشمَّ كنصل السيف عَيْر حَلاحلِ.[٤] وكان يلقى معاوية بقوارع الكلم، قال له يوماً معاوية: ما بالكم تصابون بأبصاركم يا بني هاشم؟ فقال له: كما تصابون في بصائركم يا بني أُمية. وعمي هو وأبوه وجده.

ملازمته للإمامين الحسن والحسين

وكان يمسك بركاب الحسن والحسين (عليهما السلام) إذا ركبا. ولما أبى الحسين (عليه السّلام) أن يبايع ليزيد، وأراد أن يسير من مكة إلى العراق، قال له ابن عباس: أقم بهذا البلد فانّك سيد أهل الحجاز، فإنْ أبيتَ فسر إلى اليمن.. فقال له الحسين (عليه السّلام): يا ابن عم إنّي واللَّه لَاعلم أنّك ناصح مشفق ولكنّني قد أزمعت وأجمعت على المسير. [٥] ولما خرج الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة اجتمع ابن عباس وعبد اللَّه بن الزبير بمكة، فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثّل: يا لكِ من قُبَّرة بمَعْمَرِ خلا لكِ الجو فبيضي واصفري ونقّري ما شئت أن تُنقّري خلا لك واللَّه يا ابن الزبير الحجاز، فقال ابن الزبير: واللَّه ما ترون إلَّا أنّكم أحقُّ بهذا الامر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنّما يرى من كان في شك، فأمّا نحن من ذلك فعلى يقين.[٦]

بعض الكلام من ابن عباس

لو أنّ العلماء أخذوا العلم بحقّه لَاحبهم اللَّه عزّ وجلّ والملائكة والصالحون من عباده، ولَهابَهم الناس لفضل العلم وشرفه. وقال: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلَّا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفتُ له قدره، وإن كان نظيري تفضّلتُ عليه، وان كان دوني لم أحفِل به. وقال: أكرم الناس عليَّ جليسي، إنّ الذباب ليقع عليه فيؤذيني. وكان بين ابن عباس وبين ابن الزبير منافرات شديدة، رواها المؤرخون في كتبهم.

وفاته

ولما دعا ابن الزبير لنفسه بالخلافة، أبى ابن عباس أن يبايعه، فأخرجه من مكة إلى الطائف فتوفّي بها سنة ثمان وستين. ولما دُفن قال محمد بن الحنفية: اليوم مات ربّانيّ هذه الأُمّة.

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 2- 365، التأريخ الكبير 5- 2، المعارف 73، المعرفة و التاريخ 1- 217، رجال البرقي 2، الجرح و التعديل 5- 116، الثقات لابن حبّان 3- 248، مشاهير علماء الامصار 28 برقم 17، المعجم الكبير للطبراني 10- 232، المستدرك للحاكم 3- 533، حلية الاولياء 1- 314، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 43 برقم 7، رجال الطوسي 22 برقم 6، تاريخ بغداد 1- 173، الإستيعاب 2 349- 342، طبقات الفقهاء للشيرازي 39 و 42 و 46 و 48 و 49، صفة الصفوة 1- 314، أُسد الغابة 3- 192، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 274، رجال ابن داود 121 برقم 880، رجال العلّامة الحلي 103، تهذيب الكمال 15- 154، سير أعلام النبلاء 3- 331، العبر 1- 56، تذكرة الحفّاظ 1- 40، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 68 ه) 148، نكت الهميان 180، الوافي بالوفيات 17- 231، مرآة الجنان 1- 143، البداية و النهاية 8- 298، الجواهر المضيئة 2- 415، تهذيب التهذيب 5- 276، تقريب التهذيب 1- 425، الاصابة 2 326- 322، شذرات الذهب 1- 25، مجمع الرجال للقهبائي 4- 24، جامع الرواة 1- 494، تنقيح المقال 2- 191 برقم 6921، أعيان الشيعة 8 57- 55، الاعلام 4- 95، معجم رجال الحديث 10- 229 برقم 6943، قاموس الرجال 6- 3.
  2. مقدمة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1- 19.
  3. من قصيدة طويلة له، مطلعها: احبُّ و إنّ الحبّ صابٌ و علقمُ، وأيقنت أنّي منذ أحببتُ أُظلَمُ.
  4. عَيْر القوم: سيدهم، و الحَلاحل بالفتح جمع حُلاحل بالضم، و هو الشجاع. و روى الحاكم في مستدركه (3- 132) بسنده عن عمرو بن ميمون في حديث طويل، قال: إنّي لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس إمّا أن تقوم معنا و إمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء، قال فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم. قال و هو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال: فابتدءوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا فجاء ينفض ثوبه و يقول: أف و تف وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لَاحد غيره، وقعوا في رجل قال له النبي ص: لَابعثن رجلًا لا يخزيه اللّه أبداً يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله، ثم قال: قال ابن عباس: و قال له رسول اللّه ص: أنت ولي كل مؤمن بعدي و مؤمنة، ثم قال: قال ابن عباس: و قال رسول اللّه ص: من كنت مولاه فانّ مولاه عليّ .. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه بهذه السياقة، و صححه الذهبي في تلخيصه.
  5. تاريخ الطبري: 4- 288 حوادث سنة (60 هـ).
  6. مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 12- 325 ترجمة عبد اللّه بن عباس.