عباس بن عبدالمطلب

من ویکي‌وحدت

عباس بن عبدالمطلب: كان من كبار الصحابة وهو عم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وابن عبد المطلب، وكان للعباس منزلة سامية، بما له من صحبة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وروي: أنّه أعتق عدداً كبيراً من العبيد، بلغ السبعين شخصاً، وقال الرسول الأكرم في حقه: «أيها الناس، من آذى‏ عمي فقد آذاني، فإنّما عم الرجل صنو أبيه». وعُدّ العباس من الأصحاب الذين رووا حديث الغدير. وقد كان العباس يرى‏ لعلي عليه السلام منزلةً ساميةً، حيث كان يقول: إنّه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركةً من علي إلّا النبي‏صلى الله عليه وآله. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وموقف محدّثي أهل السنة منه واضح ومعلوم ۀدنّه من الصحابة. وأمّا المحدّثون والرجاليّون الشيعة فقد اعتبروه من صحابة النبي صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام، إلّا أنّهم اختلفوا في جرحه وتعديله: فقد أورده العلامة الحلي وابن داود ضمن المعتبرين المأخوذ بروايتهم.

عباس بن عبدالمطلب بن هاشم (53قبل الهجرة ــ 32ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو الفَضْل.[٢]
نسبه: القرشي، الهاشمي.[٣]
لقبه: المكّي.[٤]
طبقته: صحابي.[٥]
هو عم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وابن عبد المطلب، قد ولد قبل ولادة النبي صلى الله عليه وآله بثلاث سنوات.[٦] وكان له أحد عشر أخاً، وستّ أخوات.[٧]
وكان للعباس اثنا عشر ولداً: الفضل وهو أكبرهم، وعبداللَّه الذي لُقّب بـ «الحبر» و«البحر»، وعبيداللَّه وكان جواداً سخياً ذا مال، مات بالمدينة وله عقب، وعبد الرحمان الذي توفّي بالشام ولم يعقّب، وقُثم ولم يعقّب، وكان خرج إلى‏ خراسان مجاهداً فمات بسمرقند، ومعبد الذي قُتل بافريقيا شهيداً وله عقب، وأُم حبيبة، وأُمهم جميعاً أُم الفضل «لُبابة»، وكثير وكان فقيهاً محدِّثاً، وتمام، وصفيّة وأُميمة، وأُمهم أُم ولد، والحارث وأُمه حُجَيلة بنت جُندب.[٨]
كان العباس أبيض بضّاً جميلاً، معتدل القامة، وله ضفيرتان.[٩] قال الذهبي: «كان أطول الرجال، وأحسنهم صورةً وأبهاهم، وأجهرهم صوتاً، مع الحلم الوافر والسُؤدد»[١٠]. كما كان في الجاهلية رئيساً في قريش.[١١] وكان النبي صلى الله عليه وآله يكرمه ويجلّه ويعظّمه بعد الإسلام.[١٢]
وكذلك كان معظَّماً عند الصحابة، فقد نقل المؤرّخون أنّه قد توسّل به عمر بن الخطاب للدعاء والاستسقاء في سنة القحط، وفصّل فيه ابن عبد البرّ أكثر من غيره، وكان ذلك سنة 17 هـ، وقال عمر حينها وقد خرجَ بالعباس: «اللّهم إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا عليه السلام إذا قحطنا، فتُسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعم نبيّنا عليه السلام فاسقنا».[١٣]
وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، أمّا السقاية فمعروفة، وأمّا عمارة المسجد الحرام فإنّه كان لايدع أحداً يَسبّ في المسجد، ولايقول فيه هجراً. وذكرت الروايات أنّه قد ضلّ وهو صبي، فنذرت أُمّه نُتَيلة بنت جناب أن تغطّي الكعبة بسترٍ من الحرير إذا عاد إليها ابنها، فلمّا وجدته وفت بنذرها، وكانت أوّل عربية كست البيت الحرير والديباج وأصناف الكسوة.[١٤]
وذكر البعض: أنّ العباس كان مشركاً عند حدوث بيعة العقبة.[١٥]، مع أنّها حصلت تحت إشرافه وبمعونته.[١٦] إلّا أنّه وبحسب بعض الروايات كان مسلماً في مكّة قبل ذلك التاريخ، يقول أبو رافع: «كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أُم الفضل وأسلمتُ، فكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم، فكان يكتم إسلامه».[١٧] ولذلك لمّا خرج العباس مع قريش إلى‏ معركة بدر، وكان مجبراً مكرهاً من قبل قريش، قال النبي صلى الله عليه وآله للمسلمين: «من لقي العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله فلايقتله، فإنّما خرج مستكرهاً».[١٨]
وقد أُسر العباس في هذه المعركة، ففدى‏ نفسه وعاد إلى‏ مكة، وبقي فيها بأمر النبي صلى الله عليه وآله ليتعرّف إلى‏ تحرّكات قريش ونواياها، ولذا بعث العباس رسولاً إلى‏ النبي صلى الله عليه وآله يخبره عن عزم قريش على‏ الخروج إلى‏ «أُحد».[١٩] وكان قد هاجر إلى‏ المدينة بعد فتح خيبر وقبل فتح مكة مع أسرته، واستقبله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وبهجرته انقطعت الهجرة حيث كان آخر المهاجرين. ومنذ ذلك الوقت أصبح مناصراً علناً للنبي‏صلى الله عليه وآله، فاشترك في حُنين والطائف وتبوك وفتح مكّة.[٢٠]
وكان العباس - كغيره من بني هاشم - منفوراً منه لدى‏ قريش، يقول ابن الأثير: دخل العباس على‏ النبي صلى الله عليه وآله مغضباً، فقال صلى الله عليه وآله: «ما أغضبك؟» فقال العباس: يا رسول اللَّه، مالنا ولقريشُ إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير تلك؟ قال: فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حتّى احمرّ وجهه، ثم قال: «والذي نفسي بيده، لايدخل قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتّى‏ يحبّكم للَّه ولرسوله»، ثم قال: «أيها الناس، من آذى‏ عمي فقد آذاني، فإنّما عم الرجل صنو أبيه».[٢١]
وصلّى‏ العباس بعد أمير المؤمنين عليه السلام على‏ جنازة النبي صلى الله عليه وآله، ثم صلّى‏ عليه سائر المسلمين، حيث كان للعباس منزلة عند المسلمين، كما وكانت لمواقفه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله أهمية كبيرة في الأمور الاجتماعية والإسلامية.
وعُدّ العباس من الأصحاب الذين رووا حديث الغدير.[٢٢] وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله توجّه نحو علي عليه السلام قائلاً: أُمدد يدك أُبايعك، فيقول الناس: عم رسول اللَّه بايع ابن عم رسول اللَّه، فلايختلف عليك اثنان، فقال له: «أوَيطمع يا عم فيها طامع غيري؟»....[٢٣]
وروي: أنّه أعتق عدداً كبيراً من العبيد، بلغ السبعين شخصاً.[٢٤] وقد كفّ بصره في أواخر عمره.[٢٥]

موقف الرجاليّين منه

كان للعباس منزلة سامية، بما له من صحبة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ولذا فإنّ موقف محدّثي أهل السنة منه واضح ومعلوم. وأمّا المحدّثون والرجاليّون الشيعة فقد اعتبروه من صحابة النبي صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام[٢٦]، إلّا أنّهم اختلفوا في جرحه وتعديله:
فقد أورده العلامة الحلي وابن داود ضمن المعتبرين، المأخوذ بروايتهم.[٢٧]، وأثنى‏ عليه المحقّق التستري[٢٨]، وأمّا المامقاني فقد سكت عنه بعد إيراده للشواهد والمدارك[٢٩]، بينما ضعّفه المحقّق الخوئي وقال: «إنّ العباس لم يثبت له مدح، ورواية الكافي الواردة في ذمّه صحيحة السند...».[٣٠]

من رواياته

قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: «الرؤيا الصالحة من المؤمن جزء من خمسين جزءاً من النبوة».[٣١] وقد وردت للعباس أكثر من عشرين رواية في المصادر الروائية لأهل السنّة، ولاسيّما مسند أحمد، ومن جملتها الرواية التي تصرّح أنّ أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وآله: خديجة وعلي عليه السلام.[٣٢]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ العباس عن النبي صلى الله عليه وآله.[٣٣]
وروى‏ عنه جماعة، منهم: أولاده: عبداللَّه وعبيداللَّه وكثير وأُم كلثوم، صُهَيب مولى‏ العباس، مالك بن أوس، نافع بن جُبير بن مُطعم، العباس بن عبد الرحمان.

وفاته

توفّي العباس في شهر رجب سنة 32 هـ، في عهد عثمان، وكان له من العمر 88 سنة، فغسّله علي عليه السلام، وتولّى‏ أمره ودفنه في البقيع.[٣٤]

الهوامش

  1. تقريب التهذيب 1: 397، الإصابة 4: 30.
  2. المعارف: 121، كتاب الثقات 3: 288، الطبقات الكبرى‏ 4: 5.
  3. تهذيب الكمال 14: 225.
  4. تهذيب التهذيب 5: 107.
  5. الجرح والتعديل 6: 210، تقريب التهذيب 1: 397.
  6. الدرجات الرفيعة: 79، أعيان الشيعة 7: 418. وروي أ نّه قيل له: أيّكما أكبر أنت أم النبي‏صلى الله عليه وآله؟ قال: هو أكبر منّي، وأنا ولدت قبله (الدرجات الرفيعة: 79).
  7. أنظر: الطبقات الكبرى‏ 1: 92.
  8. الطبقات الكبرى‏ 4: 6، سير أعلام النبلاء 2: 85. وعن الباقرعليه السلام: أنّ اسم «أُم الفضل» هند، وأنّها من أهل الجنّة. (كتاب الخصال: 363).
  9. تهذيب الكمال 14: 229.
  10. سير أعلام النبلاء 2: 79.
  11. الاستيعاب 2: 811.
  12. الوافي بالوفيات 16: 631.
  13. الطبقات الكبرى‏ 4: 29، الاستيعاب 2: 814 - 816، تهذيب تاريخ ابن عساكر 7: 248، أُسد الغابة 3: 111 .
  14. أُسد الغابة 3: 109، الوافي بالوفيات 16: 630.
  15. بايع النبيَ‏صلى الله عليه وآله في هذه العقبة - التي وقعت في وسط أيام التشريق ليلة النفر الأول - ثلاثةٌ و سبعون رجلاً وامرأتان من قبيلة الأوس والخزرج على‏ الحرب، وجعل صلى الله عليه وآله لهم على‏ الوفاء بذلك الجنّة (سيرة ابن هشام 2: 97، الطبقات الكبرى‏ 1: 221).
  16. سير أعلام النبلاء 2: 85، الطبقات الكبرى‏ 4: 9.
  17. الطبقات الكبرى‏ 4: 10، مستدرك الحاكم 3: 323.
  18. الطبقات الكبرى‏ 4: 10.
  19. المغازي 1: 204، تهذيب تاريخ دمشق 7: 232.
  20. أنظر: الطبقات الكبرى‏ 4: 18، أُسد الغابة 3: 110.
  21. أُسد الغابة 3: 110، مسند أحمد 1: 340.
  22. الغدير 1: 48. وقد كان العباس يرى‏ لعلي‏عليه السلام منزلةً ساميةً، حيث كان يقول: إنّه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركةً من علي إلّا النبي صلى الله عليه وآله، إنّ علياً لم يزل أسبقهم إلى‏ كل مكرمة، وأعلمهم بكلّ فضيلة، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهاداً للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن باللَّه ورسوله (بحار الأنوار 43: 210).
  23. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 160، الطبقات الكبرى‏ 2: 246، الدرجات الرفيعة: 97.
  24. سير أعلام النبلاء 2: 95.
  25. المعارف: 121.
  26. رجال الطوسي: 23، 46، جامع الرواة 1: 432، الوجيز: 98، مستدركات علم رجال الحديث 4: 348.
  27. خلاصة الأقوال: 209، رجال ابن داود: 114.
  28. قاموس الرجال 6: 19.
  29. تنقيح المقال 2: 128.
  30. معجم رجال الحديث 10: 254.
  31. كتاب التاريخ الكبير 7: 2.
  32. مسند أحمد 1: 339 - 345، وانظر: سير أعلام النبلاء 2: 79.
  33. أنظر: مسند أحمد 1: 339 - 345، تهذيب الكمال 14: 226.
  34. تهذيب الكمال 14: 229، وانظر: شذرات الذهب 1: 38، مستدرك الحاكم 3: 321، الدرجات الرفيعة: 95، 99.