عبادة بن الصامت

من ویکي‌وحدت

عبادة بن الصامت: كان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. وهو غير عبادة بن الصامت - ابن أخي أبي ذرّ الغفاري، لأن الأول صحابي خزرجي والثاني تابعي غفاري. كان عبادة أحد النقباء، وقد لقّبهم النبي صلى الله عليه وآله بأمر جبرائيل بالنقباء، وأمرهم أن يعرضوا على‏ قبائلهم الإسلام، ويدعوهم لقبول شروطه. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وبما أنّ عبادة كان من السابقين الذين رجعوا إلى‏ علي عليه السلام، ليس هناك تردّد في أمره عند علماء الشيعة، وبما أنّه صحابي أمرهُ ومنزلته لايشوبها شي‏ء عند أهل السنّة.

عُبادة بن الصامت بن قيس (38قبل الهجرة ــ 34ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو الوليد، ابن القوافل.[٢]
نسبه: الخَزْرجي، السالمي.[٣]
لقبه: المدني، الأنصاري.[٤]
طبقته: صحابي.[٥]
هو أخو أوس بن الصامت بن قيس الخزرجي، والذي يُعدّ - كأخيه عُبادة - من الرواة المشتركين.[٦] ذكر الشيخ الطوسي عُبادة في أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. وذكر أيضاً عبادة بن الصامت ابن أخي أبي ذرّ في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممّن أقام بالبصرة وكان شيعياً.[٧]
وقد اشتبه البعض فجعلهما واحداً؛ كالعلّامة الحلّي والسيد علي خان الشيرازي والمحقّق الأردبيلي.[٨] كما وأخطأ الخوئي حيث عدّ عبادة بن الصامت - ابن أخي أبي ذرّ - أخا أوس بن الصامت.[٩] وكذلك أخطأ ابن داود حيث قال: «عبداللَّه بن الصامت ابن أخي أبي ذرّ، من أصحاب علي عليه السلام، ممّن أقام بالبصرة شيعياً». وذكر في موضع آخر أنّ عبادة بن الصامت من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، وهو ابن أخي أبي ذرّ ممّن أقام بالبصرة ورجع إلى‏ أمير المؤمنين عليه السلام وكان شيعياً. ونسب القولين لرجال الشيخ الطوسي.[١٠] وقال التستري بعد كلام طويل: «فعبادة بن الصامت اثنان: أحدهما صحابي خزرجي وهو السابق، والثاني تابعي غفاري».[١١]
ولد عُبادة وأخوه أوس بن الصامت من أُمٍّ واحدة اسمها قرّة العين بنت عبادة بن نضلة. وإحدى‏ زوجات عبادة هي أُمّ حرام بنت ملحان، وخالة أنس بن مالك، التي غزت مع زوجها عبادة فوقصتها راحلتها فماتت.[١٢] وعُبادة من القواقلة، وهم بنو غنم وبنو سالم ابنا عمرو بن عوف بن الخزرج.[١٣] وقد لقِّب بالخزرجي والسالمي؛ لانتسابه إلى‏ سالم بن عوف بن خزرج.[١٤]
كان عبادة أحد النقباء، يقول: «كنّا أحد عشر رجلاً في العقبة الأولى‏، فبايَعْنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بيعة النساء قبل أن تفرض علينا الحرب، بايعناه على‏ ألّا نشرك باللَّه تعالى‏، ولا نسرق، ولانزني، ولانأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نقتل أولادنا، ولا نعصيه في معروف، فمن وفى‏ فله الجنّة، ومن غشي شيئاً من ذلك فأمره إلى‏ اللَّه عزّوجلّ: إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له».[١٥] وقد لقّبهم النبي صلى الله عليه وآله بأمر جبرائيل بالنقباء، وأمرهم أن يعرضوا على‏ قبائلهم الإسلام، ويدعوهم لقبول شروطه.[١٦]
ولقّبه الشيخ الصدوق بابن القوافل، وذكر أنّ معنى القوافل: هو الرجل من العرب، كان إذا دخل يثرب يجي‏ء إلى‏ رجلٍ من أشراف الخزرج، فيقول: أَجرني مادمت بها من أن أُظلم، فيقول: «قوفل حيث شئت، فأنت في جواري».[١٧]
كان عبادة قد تفقّه في دين اللَّه[١٨]، وهو أحد الخمسة الذين جمعوا القرآن في زمان النبي صلى الله عليه وآله.[١٩] وكان قد بايع النبي صلى الله عليه وآله على‏ أن لا تأخذه في اللَّه لومة لائم.[٢٠] واشترك في جميع غزوات النبي صلى الله عليه وآله. وكان يعلّم أهل الصُفّة القرآن.[٢١]
واستعمله النبي على‏ بعض الصدقات وقال له: «إتّق اللَّه، لاتأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج»، قال: فوالذي بعثك بالحقّ لا أعمل على‏ اثنين[٢٢] وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله كان من السابقين الذين رجعوا إلى‏ أميرالمؤمنين عليه السلام[٢٣]
وكتب يزيد بن أبي سفيان إلى‏ عمر أنّه قد احتاج أهل الشام إلى‏ من يعلّمهم القرآن ويفقّههم، فأرسل معاذاً وعبادة وأبا الدرداء، فأقام عبادة بفلسطين، وهو أول من ولي قضاء فلسطين.[٢٤]
ويذكر أهل التواريخ له مواقف عديدة، منها: أرسل معاوية إلى‏ أبي هريرة يقول له: أما تمسك عنّا أخاك عبادة! أمّا بالغدوات فيغدو إلى‏ السوق فيفسد على‏ أهل الذمّة متاجرهم، وأمّا بالعشيّ فيقعد في المسجد ليس له عمل إلّا شتم أعراضنا أو عيبنا! فأمسك عنّا أخاك، فأقبل أبو هريرة يمشي حتّى‏ دخل على‏ عبادة، فقال له: يا عبادة، ما لك ولمعاوية؟ ذره وما حمل، فإنّ اللَّه يقول: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ». قال: يا أبا هريرة، لم تكن معنا إذ بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، بايعناه على‏ السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى‏ النفقة في العسر واليسر، وعلى‏ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى‏ أن نقول في اللَّه لا تأخذنا لومة لائم، وعلى‏ أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه ممّا نمنع أنفسنا وأزواجنا وأهلنا، ولنا الجنّة، فهذه بيعة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله التي بايعناه عليها، فمن نكث فإنّما ينكث على‏ نفسه، ومن أوفى‏ بما بايع عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وفى‏ اللَّه له بما بايع عليه نبيّه. فلم يكلّمه أبو هريرة بشي‏ء.[٢٥]
و أنّه يوماً أنكر على‏ معاوية شيئاً، فقال: لا أُساكنك بأرض، فرحل إلى‏ المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره، فقال له عمر: إرحل إلى‏ مكانك، فقبّح اللَّه أرضاً لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك.[٢٦]
وفي عهد عثمان أرسله معاوية إلى‏ المدينة وكتب إلى‏ الخليفة: لقد جرّ عبادة الشام وأهلها إلى‏ الهلاك والدمار! فقام عبادة قائماً في وسط دار عثمان بن عفان، فقال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله محمداً أبا القاسم يقول: «سَيَلي أموركم من بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون وينكرون، عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى‏ اللَّه، فلاتعتبوا أنفسكم» فوالذي نفسي بيده إنّ معاوية من أُولئك. فما راجعه عثمان حرفاً.[٢٧]

موقف الرجاليّين منه

كان عبادة من السابقين الذين رجعوا إلى‏ علي عليه السلام، وليس هناك تردّد في أمره عند علماء الشيعة.[٢٨] وكذا عند أهل السنّة، أمرهُ ومنزلته لديهم لايشوبها شي‏ء؛ لأنّه صحابي.[٢٩]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن النبي صلى الله عليه وآله.[٣٠]
وروى‏ عنه جماعة، منهم: جابر، أنس، أبو أيوب الأنصاري، أولاده: وليد وعبيداللَّه وداود، حفيداه: عبادة ويحيى‏ ابنا الوليد بن عبادة، إسحاق بن يحيى‏ حفيده، شَرْحبيل ابن حسنة. ووردت رواياته في الصحاح الستة، وبعض الكتب الرجالية.[٣١] وقد روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مائة وواحد وثمانون حديثاً،اتّفق البخاري ومسلم منها على‏ ستّة، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بآخرين.[٣٢]

من رواياته

عن عبادة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: «أول ما خلق اللَّه القلم، قال: اكتب، فجرى‏ بما هو كائن إلى‏ يوم القيامة».[٣٣]

وفاته

توفّي عبادة سنة 34 هـ في عهد عثمان في فلسطين، ودُفن في بيت المقدس. قال ابن عبد البّر: قبره معمور ومعروف إلى‏ يومنا هذا (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري).[٣٤] وقال ابن عساكر: ولمّا حضر عبادة الوفاة،قال: أخرجوا فراشي إلى‏ صحن الدار، ثم اجمعوا لي مواليّي وخدمي وجيراني ومن كان يدخل عليَّ، فجمعوا له، فقال: إنّ يومي هذا لا أراه إلّا آخر يوم يأتي عليّ من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإنّي لا أدري لعلّه قد فرط منّي إليكم بيدي أو بلساني شي‏ء، وهو والذي نفس عبادة بيده القصاص يوم القيامة، واُحرج على‏ أحد منكم في نفسه شي‏ء من ذلك إلّا اقتصّ منّي قبل أن تخرج نفسي... قال: أغفرتم لي ما كان من ذلك؟ قالوا: نعم، قال: اللّهم اشهد، ثم قال: أمّا لا فاحفظوا وصيّتي، اُحرج على‏ انسان يبكي منكم يبكي عليّ، فإذا خرجت نفسي فتوضأوا وأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كلّ انسان منكم مسجداً فيصلّي، ثم يستغفر لعبادة ولنفسه، فإنّ اللَّه تبارك وتعالى‏ قال: «اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ».[٣٥]

الهوامش

  1. سير أعلام النبلاء 2: 5، تاريخ الصحابة: 190.
  2. الجرح والتعديل 6: 65، تهذيب الأسماء واللغات 1: 256.
  3. أُسد الغابة 3: 106، الاستيعاب 2: 80، اللباب 2: 93.
  4. كتاب التاريخ الكبير 6: 92، تهذيب التهذيب 5: 97.
  5. تقريب التهذيب 1: 395.
  6. أُسد الغابة 1: 146.
  7. رجال الطوسي: 23، 47.
  8. خلاصة الأقوال 224، الدرجات الرفيعة: 362، جامع الرواة 1: 431، 492.
  9. معجم رجال الحديث 4: 153 و 10: 241.
  10. رجال ابن داود: 120، 126.
  11. قاموس الرجال 6: 6.
  12. الطبقات الكبرى‏ 3: 546، 547 و 7: 402 و 8: 434، تاريخ الإسلام 3: 317.
  13. تهذيب تاريخ دمشق 7: 211.
  14. الاستيعاب 2: 807.
  15. مختصر تاريخ دمشق 11: 304.
  16. النهاية في غريب الحديث 5: 101، كتاب الخصال: 491، أبواب الاثني عشر: 491.
  17. كتاب الخصال: 492. وذكر ابن منظور في ذيل «قفل» هذه الكلمة بلفظ «قوافل» وأشار إلى‏ ما ذكرناه من معناها.
  18. مستدرك الحاكم 3: 356، الإصابة 4: 28.
  19. قاموس الرجال 6: 6، أُسد الغابة 3: 106، الإصابة 4: 28.
  20. أُسد الغابة 3: 107.
  21. المصدر السابق: 106، مستدرك الحاكم 3: 354، 356.
  22. أُسد الغابة 3: 106، مستدرك الحاكم 3: 354.
  23. رجال الكشّي: 78، التحرير الطاوسي: 432، الدرجات الرفيعة: 362.
  24. الإصابة 4: 28، أُسد الغابة 3: 106.
  25. تهذيب تاريخ دمشق 7: 214.
  26. المصدر السابق.
  27. المستدرك للحاكم 3: 357.
  28. رجال الكشّي: 78، الدرجات الرفيعة: 362، تنقيح المقال 2: 125، مستدركات علم رجال الحديث 4: 340.
  29. رجال صحيح البخاري 2: 503، رجال صحيح مسلم 2: 20، تهذيب التهذيب 5: 97.
  30. تهذيب الكمال 14: 184، تهذيب التهذيب 5: 97.
  31. تهذيب الكمال 14: 184، أُسد الغابة 3: 107، الإصابة 4: 27 -28.
  32. تهذيب الأسماء واللغات 1: 257.
  33. كتاب التاريخ الكبير 6: 92.
  34. رجال صحيح البخاري 2: 504، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق 7: 217.
  35. تهذيب تاريخ دمشق 7: 217.