حفص بن غياث

من ویکي‌وحدت

حفص بن غياث: أحد الرواة المشتركين من أهل السنة و الشيعة وكان من الرواة الموثّقين، إلا أنهم ذكروا: أنّ حاله تغيّرت قليلاً بعد ما استُقضي حتّى‏ لدرجة أنّه ساء حفظه، وقال ابن سعد: «كان ثقةً مأموناً ثبتاً، إلّا أنّه كان يدلّس». ويكاد يتّفق الرجاليون والمحدّثون من أهل السنة على‏ إتقانه ووثاقته. ومن بين علماء الشيعة فقد ذكر الشيخ الطوسي في العدّة أنّ أصحابنا يعملون بأخبار حفص بن غياث، وصرّح في «الفهرست»: أنّ كتاب حفص قابل للاعتماد.

حَفْص بن غِياث بن طَلْق (117 ــ 194ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبوعُمر.[٢]
نسبه: النَخَعي.[٣]
لقبه: الكوفي، القاضي.[٤]
طبقته: الثامنة.[٥]
ولد حَفْص سنة 117 هـ في الكوفة[٦]، وكان من قبيلة «نَخَع»، ونَخَع هو لقب جدّه الأعلى‏، واسمه جَسر بن عمرو، وكان قد خرج من قومه «مذحج» وانفصل عنهم، فسمِّي «نَخَع». وقد اشتهر النَخَعيّون بعد ما هاجروا إلى الكوفة، وظهرت منهم شخصيات ؛ كالأسود بن يزيد، وإبراهيم بن يزيد، وعلقمة.[٧]
كان حفص من أسخى‏ العرب، وكان يقول: «من لم يأكل من طعامي لا أُحدّثه».[٨] وقد اضطرّ لقبول منصب القضاء ببغداد الذي اقترحه عليه هارون الرشيد، قال إبراهيم ابن مهدي: سمعت حفص بن غِياث - وهو قاضٍ بالشرقية - يقول لرجلٍ يسأل عن مسائل القضاء: «لعلّك تريد أن تكون قاضياً؟ لأن يُدخل الرجل إصبعه في عينه فيقتلعها، فيرمي بها، خيرٌ له من أن يكون قاضياً».[٩] وكان قد أمضى‏ في منصب القضاء سنتين في بغداد، وثلاث عشرة سنة في الكوفة.[١٠]
واتّفق الشيعة و أهل السنة على‏ أنّ حفصاً كان سنّي المذهب، سوى‏ المحقّق المامقاني الذي تردّد في مذهبه؛ لوجود بعض الروايات المنقولة عنه، والتي تدلّ على‏ اعتقاده بضرورة ولاية أهل البيت‏ عليهم السلام ووجوب محبّتهم، وكذلك لسكوت النجاشي عنه.[١١]

موقف الرجاليّين منه

فقد أورد أبو إسحاق الشيرازي اسم حفص في الطبقة الأُولى‏ لفقهاء الحنفية، وأورده محيي الدين عبدالقادر الحنفي في طبقة علماء الحنفية، ونقل: «أنّ أبا حنيفة قال لجمعٍ هو فيهم: أنتم مسارّ قلبي وجلاء حزني».[١٢] إلّا أنّ أحداً من أصحاب التراجم لم يعتبره من أهل الرأي، وإنّما ذكروه بعنوان المحدّث والحافظ وكثير الحديث.
كان من الرواة الموثّقين[١٣]، وذكروا: أنّ حاله تغيّرت قليلاً بعدما استُقضي حتّى‏ لدرجة أنّه ساء حفظه[١٤]، وقال ابن سعد: «كان ثقةً مأموناً ثبتاً، إلّا أنّه كان يدلّس».[١٥] ويكاد يتّفق الرجاليون والمحدّثون من أهل السنة على‏ إتقانه ووثاقته.
ومن بين علماء الشيعة فقد ذكر الشيخ الطوسي في العدّة أنّ أصحابنا يعملون بأخبار حفص بن غياث، وصرّح في «الفهرست»: أنّ كتاب حفص قابل للاعتماد.[١٦] ولذا وثّقه المامقاني[١٧]، وتردّد المجلسي في تضعيفه وتوثيقه.[١٨]
وقال المحدّث النوري: «وحقّ القول في المقام: أنّه لا حاجة إلى‏ النظر في حال الآحاد ؛ لأنّ كتاب حفص معتمد، عوّل عليه الأصحاب، والطرق إليه كثيرة، وقال الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول: ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث بن كلّوب، ونوح بن درّاج، والسكوني، عن ائمتنا عليهم السلام، فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه... ويروي عنه الحسن بن محبوب وجميل ابن درّاج من أصحاب الإجماع، ومن الثقات: علي بن شجرة وأبو أيّوب ومحمد البرقي ومحمد بن حفص ابنه وغيرهم... وأمّا الثاني (أي طرق الكتاب) فإنّ الصدوق رواه عن طرق ثلاثة، والنجاشي ذكر له طريقين آخرين...، وكذا الشيخ في الفهرست ذكر له طريقاً، ويظهر منهم أنّ مشايخ القميّين ؛ كابن الوليد والصفّار وسعد والحميري وغيرهم رووا كتابه، مضافاً إلى‏ عدّه الصدوق من الكتب المعتمدة...».[١٩]
وقال النجاشي: «روى‏ عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام، وكتب عن الإمام الصادق عليه السلام 170 حديثاً».[٢٠] وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب ورواة الإمام الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام، لكنّه عاد وذكر اسمه في أواخر كتابه، ضمن من لم يرو عن المعصومين.[٢١]
وحيث إنّ حفصاً ولد سنة 117 هـ، وتوفِّي كما صرّح النجاشي وأغلب علماء أهل السنة سنة 194 هـ، فإنّ عدّه من أصحاب الباقر عليه السلام الذي توفِّي سنة 116 هـ ليس صواباً، إضافة إلى أنّه لم يُنقل عنه شي‏ء من رواياته عن الباقر عليه السلام.
هذا، وذكر المحقّق الخوئي: أنّ حفص بن غياث وقع في إسناد كثيرٍ من الروايات، تبلغ سبعة وثمانين مورداً، أغلبها عن الإمام الصادق عليه السلام، وقليل منها عن الإمام الكاظم عليه السلام.[٢٢] ووردت رواياته أيضاً في الصحاح الستة لأهل السنّة، يقول ابن معين: «جميع ما رواه حفص في بغداد والكوفة كانت من الحفظ، وقد كتب عنه تلامذته ثلاثة أو أربعة آلاف حديث».[٢٣]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام الصادق والكاظم عليهما السلام.[٢٤]
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: جدّه طَلْق بن معاوية، إسماعيل بن أبي خالد، سليمان الأعمش، عاصم الأحول، عُبَيْد اللَّه بن عُمر، مُصْعَب بن سُلَيْم، أبو حمزة الثمالي، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، هشام بن عُروة، سفيان الثوري.
وروى‏ عنه جماعة كثيرة، منهم: يحيى‏ بن سعيد القطّان، عمرو أو عمر بن حفص (ابنه )، سُفيان بن وكيع بن الجرّاح، أبو السائب سَلْم بن جُنَادة، أحمد، أحمد بن عبدالجبار العُطارِدي، إسحاق بن راهويه.

من رواياته

روى‏ مسنداً عن النبي‏صلى الله عليه وآله: «من أقال مسلماً عثرته أقاله اللَّه عزّوجل يوم القيامة»[٢٥]
ويروي الكليني بسنده عن حفص: أنّ الكاظم عليه السلام قال له: «يا حفص، من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن، عُلِّم في قبره ؛ ليرفع اللَّه به من درجته، فإنّ درجات الجنّة على‏ قدر آيات القرآن».[٢٦]

وفاته

توفّي حفص سنة 194 هـ، في زمان خلافة محمد بن هارون الرشيد.[٢٧]

الهوامش

  1. قاموس الرجال 3: 589، المعارف: 510، رجال صحيح مسلم 1: 144.
  2. سير أعلام النبلاء 9: 22.
  3. تهذيب التهذيب 2: 357، رجال صحيح البخاري 1: 181.
  4. ميزان الاعتدال 1: 567، تذكرة الحفّاظ 1: 297، رجال ابن داود: 242.
  5. تقريب التهذيب 1: 189.
  6. تاريخ الإسلام 13: 153، الكامل في التاريخ 6: 237.
  7. الطبقات الكبرى‏ 1: 346، الأنساب 5: 473،240، معجم قبائل العرب 3: 1176.
  8. تذكرة الحفّاظ 1: 298.
  9. تاريخ بغداد 8: 189.
  10. تاريخ الإسلام 13: 156.
  11. تنقيح المقال 1: 355، وانظر: رجال الكشّي: رقم (373)، خلاصة الأقوال: 340.
  12. الجواهر المضيئة 2: 138، طبقات الفقهاء: 143.
  13. كتاب الثقات 6: 200.
  14. الجرح والتعديل 3: 186.
  15. الطبقات الكبرى‏ 6: 390.
  16. عدّة الأُصول 1: 149، الفهرست للطوسي: 61.
  17. تنقيح المقال 1: 355.
  18. الوجيزة: 68.
  19. خاتمة مستدرك الوسائل 4: 262 - 265.
  20. رجال النجاشي: رقم (346).
  21. رجال الطوسي: 118،175،347،471.
  22. معجم رجال الحديث 7: 161.
  23. تهذيب التهذيب 2: 357، سير أعلام النبلاء 9: 25.
  24. تهذيب الكمال 7: 56، تهذيب التهذيب 2: 358، رجال صحيح مسلم 1: 144.
  25. سير أعلام النبلاء 9: 32.
  26. الكافي 2: 606.
  27. الطبقات الكبرى‏ 6: 390، تاريخ بغداد 8: 200، شذرات الذهب 1: 340، تاريخ خليفة 1: 383.