الکتاب

من ویکي‌وحدت

الكتاب: وهو القرآن الکريم، وهو كلام اللّه‏ عزّ وجلّ أنزله جبرائيل على النبي(ص) ونقل إلينا متواتراً. و الأصوليون لم يبحثوا عن الموضوعات القرآنية إلا قليلاً کالبحث عن النص و الظهورات القرآنية وشئ من مباحث الحقيقة والمجاز. بل الکثير من المباحث القرآنية قد رحّل إلى علوم اُخرى مثل: علم الكلام وعلوم القرآن والتفسير وما شابه ذلك.

تعريف الکتاب لغةً

كتب الكتاب يكتبه كتبا إذا جمع حروفه. وأصل الكتب: ضمّك الشيء إلى الشيء [١].
كتبتُ الكتاب أكتبه، وهو من الجمع. والكتاب: الفرض والحكم، والكتاب: القدرُ [٢].
الكتاب: اسم لما كُتب مجموعا [٣].

تعريف الکتاب اصطلاحاً

المراد من الكتاب هو القرآن الكريم، وهو واضح المعنى، ولا خلاف في ذلك، ولأجل هذا لم يعرّف أكثر الاُصوليين الكتاب، مع تكرّر هذا الاصطلاح كأحد الأدلّة المستدلّ بها في بحوثهم. برغم هذا ورد عن بعض الاُصوليين تعاريف له، وقد تكون غالبا ناظرة إلى بيان خصائصه، مثل التواتر ووجوب الاتّباع والإعجاز وما شابه ذلك.
نورد هنا بعض من تلك التعاريف:
منها: هو القرآن المنزّل [٤].
ومنها: الكتاب: ما نقل إلينا بين دفّتي المصحف من السبعة المشهورة، نقلاً متواتراً [٥].
ومنها: هو كلام اللّه‏ عزّ وجلّ، ثُمّ يوضّحه بأنّه القرآن الذي أنزله جبرائيل على النبي(ص) ونقل متواترا [٦].
ومنها: هو المنزّل للإعجاز بسورة منه [٧].
ومنها: الكلام المنزّل للإعجاز بآية منه المتعبّد بتلاوته. وهذا التعريف وارد عن الزركشي. [٨]. فحدّ الإعجاز بآية لا سورة؛ لأنّ الإعجاز قد يكون بآية وأقلّ السور ثلاث آيات[٩].، بل يرى البعض أنّ إعجاز القرآن حتّى في بعض الآية وجزء منها [١٠].
وبقيّد الإعجاز الذي ورد في بعض التعاريف خرج مثل: التوراة و الإنجيل، حيث لم يقصد بالكلام المنزل عليهما الإعجاز.
ومنها: كلام منزّل على محمد(ص) معجز متعبّد بتلاوته [١١]. وخرج بقيد (متعبّد بتلاوته) المنسوخ تلاوته.
ومنها: كلام لا يصحّ الصلاة بدون تلاوة بعضه.
ومنها: كلام يحرم مسّ خطّه محدثا [١٢].

البحوث القرآنية من قبل الاُصوليين

أكثر الاُصوليين من الشيعة و السنة لم يتعرّضوا لبحث القرآن بنحو مباشر، لكنّهم تعرّضوا له في البحوث ذات الصلة بالنصوص، سواء كانت قرآنية أو غير قرآنية، من قبيل: بحث الحقيقة والمجاز والنصّ والظاهر و... .
كما تعرّض له بعض القدماء بنحو غير مباشر وطرحوا بحوثا ذات صلة به من قبيل: الوجه الذي يجب أن يحمل عليه مراد اللّه‏ بخطابه [١٣].

حكم الکتاب

الكثير من البحوث التى هي أهل للإدراج تحت عنوان الكتاب لم تطرح في أصول الفقه، وقد طرح بعض قدماء ومتقدّمو الاُصوليين بعضا منها إلاّ أنّ أكثرها اليوم قد رحّل إلى علوم اُخرى مثل: علم الكلام وعلوم القرآن والتفسير وما شابه ذلك، برغم أنّ بعض المتأخّرين والمعاصرين قد جدّد بحثها وما زال يطرحها في علم الاُصول [١٤].

حجّيّة المتواتر من الكتاب

اتّفق الاُصوليون وغيرهم من العلماء المسلمين على أنّ المتواتر من القرآن كأوّل مصدر تشريع في الإسلام حجّة، وحجّيّته واضحة وتعدّ من الاُمور الضرورية [١٥]. برغم هذا استدلّ البعض على حجّيّته بنفس الكتاب لوجود آيات تدلّ على ذلك [١٦].

حجّيّة الآحاد من الكتاب

هناك بعض النصوص ممّا نسب إلى القرآن نقلت بنحو الآحاد، وذلك كما في القراءات، وقد دار البحث بين الاُصوليين في حجّيّة مثل هذه النصوص، وقد انقسموا إلى طوائف:
الطائفة الاُولى: وهي التي تذهب إلى عدم الحجية، وهذا الرأي محكي عن الشافعي [١٧]. وذهب إليه العلامة الحلي [١٨].، و الغزالي [١٩].، و الآمدي [٢٠].
استدلّ على هذا الرأي بأنّ النبي مكلّف بإلقاء ما أنزل عليه من القرآن على طائفة تقوم الحجّة القاطعة بقولهم، بأن يكون عددهم يؤدّي إلى تواتر ما ينقلون، ومن تقوم الحجّة القاطعة بقولهم لا يتصوّر اتّفاقهم على عدم نقل ما سمعوه منه، فالراوي إذا كان واحدا واعتبر ما نقله قرآنا كان خاطئا، وإن لم يعتبره قرآنا فقد تردّد بين كونه خبرا عن النبي وبين كونه مذهبا له، وهو عندئذٍ ليس حجّة [٢١].
ونقل البعض أنّ مثل هذه القراءة ليست قرآنا بـ الإجماع [٢٢].
الطائفة الثانية: وهي التي تذهب إلى كون المنقول بـ الخبر الآحاد حجّة. ذهب إليه البعض مثل المقدسي [٢٣].، وحكي عن أبي حنيفة [٢٤].
استدلّ على هذا الرأي بأنّ المنقول بهذا النحو مسموع عن النبي، وإذا لم يثبت قرآنا لفقدان شرطه (أي التواتر) كان خبر آحاد، و خبر الآحاد حجّة [٢٥].

البحوث ذات الصلة

هناك الكثير من البحوث ذات الصلة بالقرآن تناولها بعض الاُصوليين، وتناول بعضهم جزئياته، على سبيل المثال ترجمة القرآن، فقد نقل اتّفاق العلماء على أنّ ترجمة القرآن ليست حجّة ولا يمكن الاعتماد عليها مهما كان نوع الترجمة حتّى لو كانت حرفية. لكن نقل عن أبي حنيفة تجويزه قراءة الترجمة الفارسية في الصلاة، وعُدّ هذا اجتهادا منه، لكن نقل عدوله عن هذا الرأي كذلك [٢٦].
ومنها: نسخ الكتاب.
ومنها: نزوله تدريجيا.
ومنها: ترتيب السور والآيات.
ومنها: كتابة القرآن وتدوينه.
ومنها: وجوه إعجازه.
ومنها: تحديد وقواعد تحديد المكّي والمدني.
ومنها: سلامته من التحريف.
وقد اُحيل جلّها إلى علوم القرآن، والقليل من الاُصوليين تعرّض لها [٢٧].
لكنّ هناك مسائل ما زالت موضع بحث الاُصوليين، من قبيل النص و الظاهر، على أنّ هذه البحوث لا تتناول خصوص نصوص القرآن، بل بما تشمل كلّ نصٍّ حتّى نصوص السنّة.

المصادر

  1. . جمهرة اللغة 3: 200، مادّة: «كتب».
  2. . كتاب مجمل اللغة: 617.
  3. . لسان العرب 4: 3383، مادّة: «كتب»، تهذيب اللغة 10: 88، مادّة: «كتب».
  4. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 137.
  5. . نهاية الوصول إلى علم الاُصول 1: 331، إرشاد الفحول 1: 119.
  6. . التذكرة المقدسي: 148 ـ 149.
  7. . شرح غاية السول: 192، زبدة الاُصول البهائي: 83.
  8. . البحر المحيط 1: 441.
  9. . المصدر السابق: 442 ـ 443.
  10. . شرح غاية السول: 196.
  11. . تحرير المنقول: 140.
  12. . أنيس المجتهدين 1: 184.
  13. . العدّة الطوسي 1: 49.
  14. . اُصول الفقه الإسلامي مطلوب: 53 ـ 88.
  15. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 138، نهاية الوصول (الحلي) 1: 332، مفتاح الاُصول 2: 28، الوافية: 147، أنيس المجتهدين 1: 193، الاُصول العامّة: 95.
  16. . ميزان الاُصول 1: 190.
  17. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 138.
  18. . نهاية الوصول 1: 333.
  19. . المستصفى 1: 121.
  20. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 138.
  21. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 138، نهاية الوصول (الحلّي) 1: 333.
  22. . اُصول الفقه الإسلامي مطلوب: 530.
  23. . التذكرة: 152، الجامع لمسائل اُصول الفقه: 90.
  24. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 138.
  25. . المستصفى 1: 121. فواتح الرحموت المطبوع ضمن المستصفى 2 : 9، الجامع لمسائل اُصول الفقه: 90.
  26. . اُصول الفقه الإسلامي شلبي: 74 ـ 76.
  27. . اُصول الفقه الإسلامي شلبي: 74 ـ 76، مصادر التشريع الإسلامي: 71 ـ 106.