النظام الدولي

من ویکي‌وحدت

النظام الدولي هو مجموعة من الوحدات التي تتفاعل فيما بينها، فمن ناحية يتكوّن النظام من هيكل أو بنيان ويتكوّن من ناحية أُخرى من وحدات تتفاعل معها. (تعريف كينث ولتز).
أو هو عبارة عن: نمط للعلاقات بين الوحدات الأساسية الدولية، ويتحدّد هذا النمط بطريق بنيان أو هيكل العالم، وقد تطرأ تغيّرات على النظام مردّها التطوّر التكنولوجي، أو التغيّر في الأهداف الرئيسية لوحدات النظام، أو نتيجة التغيّر في نمط وشكل الصراع بين مختلف الوحدات المشكّلة للنظام. (تعريف ستنالي هوفمان).
أو هو: وجود مجموعة من القواعد والقيم والمعايير المترابطة التي تحكم عمل العلاقات بين الدول، وتحدّد مظاهر الانتظام والخلل فيها خلال فترة معيّنة من الزمن. (تعريف مارتن كابلن وكينث ولتز).
أو هو: ما يمثّل أنماط التفاعلات والعلاقات بين العوامل السياسية ذات الطبيعة الأرضية (الدول) خلال وقت محدّد. (تعريف موريس إيست).
ومن هنا يمكن القول: بأنّ العناصر الأساسية التي يتكوّن منها النظام الدولي هي ثلاثة عناصر رئيسية:
1 - وجود قواعد تنظّم التفاعلات بين وحدات النظام الدولي، وهذه القواعد هي ما يعبّر عنه بالقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات والأعراف الدولية، كحقّ السيادة، وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأُخرى، والأعراف الدبلوماسية، وغيرها.
2 - الوحدات التي يتمّ التفاعل فيما بينها، وهي الدول والمنظّمات الدولية والمؤسّسات ذات الوجود المتعدّد (الدولي)، كمؤسّسات الإعلام الدولية، والشركات متعدّدة الجنسية، وكذا الأشخاص الذين يقومون بأدوار دولية.
3 - التفاعلات التي تتمّ بين وحدات النظام سواء كانت في المجالات السياسية أم في غيرها من المجالات كالاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية والرياضية... الخ.
وفكرة النظام الدولي ليست بالفكرة الحديثة أو المتأخّرة، بل هي فكرة قديمة تضرب في جذور التاريخ، حاول خلالها الإنسان أن يمثّل العالم النموذجي المثالي الذي يعيش فيه جميع البشر على مبدأ الوحدة الإنسانية القائمة على أُسس قانونية طبيعية أو دينية أو
وضعية دون التمييز بين أفراد هذا النظام بسبب اللون أو المعتقد الديني أو العرقي، ولعلّ أفكارها بدأت مع أفكار الفلسفة الرواقية ({L yhposolihP ciotS L}‏) التي ظهرت في أثينا في القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، حيث دعا زعيمها زينون إلى مدينة العالم ({L siloopsoC L}‏). وقد استلهمت الإمبراطورية الرومانية أفكار الرواقية، حيث حاول قانون الشعب ({L muitneG L}‏) أن يكون قانوناً عالمياً،
إلّاأنّ تلك المحاولة كانت تخفي تحت ردائها إعطاء المشروعية القانونية لسعي روما إلى احتلال الشعوب الأُخرى، وقد نجحت في ذلك إلى حدّ بعيد، حيث تلاشى كيان الدول الموجودة وقتئذٍ في الإمبراطورية.
وتعزّز هذا الاتّجاه بظهور المسيحية واعتمادها بعد ذلك في القرن الرابع الميلادي كديانة للإمبراطورية، فسعت إلى فرض هذه الفكرة بدعوى نشر المسيحية،
إلّاأنّ الفكرة اصطدمت بمعارضة الدول القائمة في ذلك الحين، حيث شهد العالم المسيحي حروباً ونزاعات جعلت فكرة خضوع الدول والشعوب لقانون واحد يعدّ ضرباً من الخيال. إلّاأنّ فشل الفكرة في ميدان التطبيق لم يلغها من الذاكرة الإنسانية؛ إذ أنّ فكرة النظام الدولي كانت تبرز بين الحين والآخر،
وقد بدأت الفكرة تتطوّر مع ظهور فكرة نظرية «العقد الاجتماعي» التي نادى بها فلاسفة أمثال «توماس هويز، وجون لوك، وجان جاك روسو»؛ إذ أنّ فكرة «العقد الاجتماعي» القائمة على تنظيم العلاقات بين الحاكمين والمحكومين نقلت هذه العلاقة في المجتمع الأُوروبّي إلى نسق قانوني منظّم دفعت بكثيرمن الباحثين والمفكّرين إلى تطوير الفكرة بحيث تكون فكرة واعية تقوم على تنظيم العلاقة بين الدول،
بحيث تقوم هذه العلاقة على تنازل الدول عن جزء من حقوقها والتزاماتها مقابل الحصول على امتيازات من الآخرين، كالسلام والمصالح المتبادلة وغيرها.