الحسن بن محمد بن الحنفية

من ویکي‌وحدت

الحسن بن محمد بن الحنفية: من أعلام التابعين وفضلائهم، وهو أحد الرواة المشتركين من أهل السنة و الشيعة. وقد اهتمّ كبار علماء أهل السنة و الشيخ الطوسي من الشيعة بروايات الحسن، بل وقام بتمجيده، وأنّ اسم الحسن لايُشاهد في روايات الشيعة، لكن أحاديثه وردت في الصحاح الستة.

الحسن بن محمد بن الحنفية (... ــ 99ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبومحمد.[٢]
نسبه: الهاشمي.[٣]
لقبه: المدني.[٤]
طبقته: الثالثة.[٥]
هو ابن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام، المعروف أبوه بمحمد ابن الحنفية. ولد الحسن في المدينة المنوّرة، وأُمّه جَمال بنت قَيْس بن مَخْرمة بن المطلب بن عبد مَناف، وأخوه عبداللَّه من رواة التابعين الموثَّقين والمعتبرين، إلّا أنّه لايصل إلى درجة الحسن في الفضل والهيئة، ولم يكن للحسن عقب.[٦]
ذكره أصحاب التراجم والتاريخ، ووصفوه بالمحدّث والعالم والفقيه، يقول عمرو بن دينار المكّي - أحد ائمة الحديث، ومن رواة الحسن الموثّقين والمعروفين -: «ما رأيت أحداً أعلم بما اختلف فيه من الحسن بن محمد، وما كان زُهْرِيّكم هذا - يعني: ابن شهاب - إلّا غُلاماً من غِلْمانه».[٧] ويقول ابن سعد: «كان من ظرفاء بني هاشم، وأهل العقل منهم».[٨] وقال الذهبي: «كان من علماء أهل البيت‏عليهم السلام».[٩]
قيل: إنّه أول من قال بالإرجاء، وكان يكتب فيه الكتب إلى الأمصار.[١٠]
ونقل ابن عساكر عن عثمان بن إبراهيم قوله: «أوّل من تكلّم في الإرجاء الحسن ابن محمد، كنت حاضراً يوم تكلّم، وكنتُ مع عمي في حلقته، وكان في الحلقة جحدب وقوم معه، فتكلّموا في علي وعثمان وطلحة والزبير، فأكثروا، والحسن ساكت، ثم تكلّم فقال: قد سمعت مقالتكم، ولم أرَ شيئاً أميل من أن يُرجأ علي وعثمان وطلحة والزبير، فلا تتولّوا ولا يُتبرّأ منهم، ثم قام فقمنا، قال: فقال لي عمي: يابنيّ، ليتخذنّ هؤلاء هذا الكلام إماماً. قال عثمان: فقال به سبعة رجال، رأسهم جحدب من تيم الرباب، ومنهم: حَرْمَلة التميمي تيم الرباب. فبلغ أباه محمد بن الحنفية ما قال، فضربه بعصا فشجّه، وقال: لا تولي أباك علياً؟! قال: وكتب الرسالة التي ثبت فيها الإرجاء بعد ذلك. قال عطاء بن السائب: إنّ زاذان وميسرة دخلا عليه فلاماه على الكتاب الذي وضعه في الإرجاء، فقال: لوددت أنّي كنت متّ ولم أكتبه.[١١]
وعلى كلّ حال، فإنّ أكثر أصحاب التراجم يرون أنّ رسالته هي أول سندٍ مكتوبٍ حول فرقة وعقائد المرجئة، إلّا أنّ ابن حجر يقول: «المراد بالإرجاء الذي تكلّم الحسن بن محمد فيه غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلّق بالإيمان، وذلك أنّي وقفت على‏ كتاب الحسن بن محمد المذكور، أخرجه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان له، في آخره قال: حدّثنا إبراهيم بن عُيَيْنَة، عن عبدالواحد بن أيمن، قال: كان الحسن بن محمد يأمرني أن أقرأ هذا الكتاب على‏ الناس: أمّا بعد، فإنّا نوصيكم بتقوى‏ اللَّه...، فذكر كلاماً كثيراً في الموعظة والوصية لكتاب اللَّه واتّباع مافيه، وذكر اعتقاده، ثم قال في آخره: ونوالي أبابكر وعمر رضي‏اللَّه عنهما، ونجاهد فيهما ؛ لأنّهما لم تقتتل عليهما الأُمة، ولم تشكّ في أمرهما، ونُرجِئ من بعدهما ممّن دخل في الفتنة، فنكل أمرهم إلى اللَّه... الى‏ آخر الكلام. فمعنى الكلام الذي تكلّم فيه الحسن: أنّه كان يرى‏ عدم القطع على‏ إحدى‏ الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئاً أو مصيباً، وكان يرى‏ أنّه يرجئ الأمر فيهما، وأمّا الإرجاء الذي يتعلّق بالإيمان فلم يعرّج عليه».[١٢]
ولكن يبدو أنّ فكرة الإرجاء في مراحلها الأُولى‏ كانت محدودة بهذه الحدود التي طرحها ودوّنها الحسن، ثم تطوّرت في مسيرها التاريخي بالتدريج، وظهرت - فيما بعد - لفرقة المرجئة فروع وأقسام مختلفة ؛ كسائر الفرق الأُخرى‏، ومن هذه الفروع: أنّ الملاك في الفوز هو الإيمان، وأنّ الإيمان لايضرّه ذنب المؤمن، كما أنّ الكفر لاينفع مع صلاح الكافر.[١٣]
وممّا يؤيد نسبة الإرجاء إلى‏ الحسن بالمعنى الأول: البيتان اللّذان نُقِلا عنه:
تعصي الإله وأنت تُظهر حبَّه‏
عارٌ عليك إذا فعلتَ شنيعُ‏
لو كان حبُّك صادقاً لأطعته
إنّ المحبَّ لمن أَحبَّ مطيعُ.[١٤]
حيث يشير هذا الكلام بوضوح إلى‏ التلازم بين الإيمان والحبّ والعمل، وهو ينفي المعنى الثاني للإرجاء. وقد أشار الشهرستاني في الملل والنحل إلى‏ هذا أيضاً، حيث ذكر أنّ الحسن لم يؤخّر العمل عن الإيمان، وأ نّه كان يرى‏ العمل جزء الإيمان، وهو لايكفّر مرتكب الكبيرة.[١٥]
وقد قام الخلفاء بحماية فكرة الإرجاء في بُعدها السياسي، ولعلّ غضب عبداللَّه ابن الزبير - الذي ثار ضدّ الأمويّين - على‏ الحسن، وحبسه في ظروف قاسية، كان سببه ميل الحسن إلى‏ هذه الأفكار.[١٦]

موقف الرجاليّين منه

انفرد الشيخ الطوسي من الشيعة فذكره في أصحاب الإمام السجاد عليه السلام، إلّا أنّه لم يذكر له جرحاً أو تعديلاً.[١٧] وقال النووي: « روى‏ عنه عمرو بن دينار والزُهَرِي وآخرون، واتّفقوا على‏ توثيقه، وروى‏ له البخاري ومسلم».[١٨]
وممّا يثير الانتباه أنّ عمرو بن دينار المكّي (المتوفّى‏ سنة 126 هـ) والذي يعدّ من أعلام وائمة التابعين وفضلائهم - بشهادة كبار علماء أهل السنة و الشيخ الطوسي من الشيعة.[١٩] - قد اهتم بروايات الحسن، بل وقام بتمجيده.[٢٠] وأنّ اسم الحسن لايُشاهد في روايات الشيعة، لكن أحاديثه وردت في الصحاح الستة.[٢١]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى الحسن عن جماعة، منهم: أبو هريرة، أبوه محمد ابن الحنفية، عائشة، عبدالله بن عباس، عبداللَّه بن أبي رافع، أبو سعيد الخدري.[٢٢]
وروى‏ عنه جماعة، منهم: أبان بن صالح، عمرو بن دينار، محمد بن مسلم بن شهاب الزُهْري، منذر الثَوْري، عاصم بن عمر بن قَتَادة، هلال بن خَبّاب.

وفاته

توفّي الحسن سنة 99 أو 100 هـ، في زمان عمر بن عبدالعزيز.[٢٣]

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى‏ 5: 328، تنقيح المقال 1: 307.
  2. تهذيب التهذيب 2: 276، قاموس الرجال 3: 370.
  3. الجرح والتعديل 3: 35، كتاب التاريخ الكبير 2: 305.
  4. تهذيب الكمال 6: 317.
  5. تقريب التهذيب 1: 171.
  6. الطبقات الكبرى‏ 5: 328، تهذيب الكمال 6: 318، المعارف: 216، تاريخ الإسلام 6: 331.
  7. طبقات الفقهاء: 47، المعرفة والتاريخ 1: 543، تهذيب الكمال 6: 319.
  8. الطبقات الكبرى‏ 5: 328.
  9. سير أعلام النبلاء 4: 130.
  10. الملل والنحل 1: 144.
  11. تهذيب تاريخ دمشق 4: 249.
  12. تهذيب التهذيب 2: 277.
  13. انظر كتاب فرهنگ فرق اسلامى: 37، 401.
  14. تهذيب تاريخ دمشق 4: 249.
  15. الملل والنحل 1: 144.
  16. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20: 146.
  17. رجال الطوسي: 86.
  18. تهذيب الأسماء واللغات 1: 160.
  19. رجال الطوسي: 131.
  20. تهذيب التهذيب 8: 26.
  21. المصدر السابق.
  22. تهذيب الكمال 6: 317، تهذيب التهذيب 2: 276.
  23. تهذيب الكمال 6: 322، تهذيب التهذيب 2: 276 - 277، سير أعلام النبلاء 4: 130.