الاستفتاء

من ویکي‌وحدت

الاستفتاء: المراد من الاستفتاء طلب الفتوی عن الأحکام الشرعية ممّن هو أهل للإفتاء.

تعريف الاستفتاء لغةً

الاستفتاء: هو السؤال، قال تعالى: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ»[١]، أي: يسئلونك. [٢]

تعريف الاستفتاء اصطلاحاً

لم يذكر تعريف محدّد للاستفتاء، لكن يمكن تعريفه بأنّه: طلب وسؤال الفتوى ممّن هو أهل للإفتاء. ويبدو أنّه نفس معناه لغةً، غاية الأمر أنّه لغةً يعمّ مطلق السؤال، بينما اصطلاحا هو خاص بالسؤال عن الأحكام الشرعية.

تأريخ الاستفتاء

يرجع تأريخ الاستفتاء إلى بدايات ظهور التشريع الإسلامي، فقد كان المسلمون الأوائل يستفتون النبيّ(ص) في مسائل تتعلق بحياتهم وأمور معاشهم، وقد أمر سبحانه بإرجاع الأمر إليه: «فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً»[٣]. فكانوا يسألونه ويستفتونه في كلّ شيء «فكلما وقعت حادثة تتطلب حكما لجأ الصحابة إلى رسول اللّه‏؛ باعتباره المرجع الوحيد لهم يسألونه البيان، فإذا لم يكن عنده حكمها تطلّع إلى السماء، فيأتيه الوحي تارةً بآية أو آيات من القرآن الكريم فيها جواب سؤالهم، وطورا ينزل بغير قرآن يبيّن الجواب ويترك له التعبير عنه، وهو ماعرف بالسنّة».[٤]
و«إذا عرض لهم أمر يقتضي بيان الحكم رجعوا إلى النبيّ(ص)، فيفتيهم تارةً بالآية أو الآيات ينزل عليه الوحي بها من عند اللّه‏، وتارةً بالحديث».[٥]
حتى أنّ القرآن الكريم في كثير من الأحيان كان ينزل جوابا لسؤال أو ردّا على استفتاء. وقد أخبر عن ذلك بقوله: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ».[٦] وقوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ...»[٧]، وقوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ...»[٨]، وقوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا»[٩]، وقوله تعالى: «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ»[١٠]
إلى غير ذلك من الآيات التي تتعرّض لبعض الأحكام في معرض الجواب عن سؤال وجّه إليه(ص) أو حادثة استفتي فيها.
وشأن السنّة في ذلك شأن القرآن، فكان(ص) يجيب ويحدّث بأمور بعد أن يستفتى أو يسأل عنها. [١١]
ولم يكن هذا الأمر خاصّا بعصر النبي(ص) بل امتد إلى مختلف العصور والأزمان، فكان الناس يستفتون من هم أهلاً للإفتاء في شؤون دنياهم وآخرتهم، وخصوصا فيما يتعلّق بالمسائل المستجدّة والأمور الحادثة في كلّ عصر.

الألفاظ ذات الصلة

ألف ـ التقليد: «العمل بقول الغير من غير حجّة ملزمة»[١٢]، أو «العمل اعتمادا على رأي الغير».[١٣] ويبدو أن الفرق بين التقليد والاستفتاء هو: أنّ الأول يتضمّن العمل بقول وفتوى المجتهد؛ ولذلك جاء في تعريفه قيد «العمل»، وأمّا الاستفتاء، فهو في حدّ نفسه طلب الفتوى واستبيان الحكم الشرعي من المجتهد وإن كان قد يستتبع العمل فيما بعد.
ب ـ الإفتاء: الإخبار عن اللّه‏ تعالى بحكم مسألة بعنوان العموم أو الخصوص. [١٤]

حكم الاستفتاء

إذا نزلت بالمكلّف حادثة ولم يكن يعرف حكمها، فإن كان من أهل الاجتهاد وقادرا على تشخيص واستبيان حكمها من النصوص و الأدلة الشرعية فهو، وإلاّ وجب عليه استفتاء من هو أهل لذلك واستبيان الحكم منه والعمل على طبق ما أفتى به.
وللاستفتاء أحكام وشروط ترجع معظمها إلى مباحث التقليد.

المصادر

  1. النساء : 176.
  2. لسان العرب 3 : 2977 مادة «فتا».
  3. النساء : 59.
  4. المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي : 74 ـ 75.
  5. تأريخ الفقه الإسلامي السايس : 15.
  6. النساء : 176.
  7. البقرة : 215.
  8. البقرة : 217.
  9. البقرة : 219.
  10. النساء : 127.
  11. راجع : المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي : 75 ـ 76، تأريخ الفقه الإسلامي السايس : 19، الفكر السامي 1 : 27 ـ 28.
  12. الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 445.
  13. مستمسك العروة الوثقى 1 : 12.
  14. القوانين المحكمة : 494.