أقسام الاستصحاب

من ویکي‌وحدت

أقسام الاستصحاب: الاستصحاب مصطلح لدی الفقهاء يريدون به استمرار الحکم الذي في الآن السابق إلی الآن اللاحق، کالحکم بطهارة هذا القميص الذي کان فيما سبق متيقن الطهارة ولکن الآن مشکوک الطهارة، فنحکم حينئذ بطهارته. ولهذا الاستصحاب أقسام کثيرة نقدمها في هذا المجال للقارئ الکريم.

أقسام الاستصحاب

1- استصحاب الكلّي

يقصد باستصحاب الكلّي: التعبُّد ببقاء الجامع بين فردين من الحكم، أو الجامع بين شيئين خارجيين إذا كان له أثر عملي[١]، أو أن يكون المستصَحب كلّيا قد ألغيت فيه الخصوصيات الشخصية فيما إذا كان الأثر مترتبا على الجامع. [٢]
وردت تقسيمات مختلفة لاستصحاب الكلّي[٣]، لكنَّ التقسيم الدارج هو تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:

استصحاب الکلي القسم الأول

استصحاب الكلّي المتحقّق في ضمن الفرد المعيَّن أو المردَّد، من قبيل علمنا بوجود زيد في الدار والشكّ في بقائه، فكما يجوز استصحاب زيد كفرد يجوز كذلك استصحاب كلّي الإنسان المتحقّق في زيد أو غيره، وهذا ممَّا لا إشكال فيه[٤]، بل هو محلّ وفاق عند الجميع. [٥]

استصحاب الکلي القسم الثاني

استصحاب الكلّي المتيقّن وجوده ضمن أحد الفردين على نحو الترديد عند العلم بارتفاع أحدهما وبقاء الآخر، وذلك من قبيل موارد العلم الإجمالي، حيث يخرج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء بتلفٍ ونحوه، كالعلم بوجوب إحدى الصلاتين من الظهر أو الجمعة وقد صلَّى المكلَّف الظهر، فالشكّ هنا في بقاء الكلّي بسبب ارتفاع أحد الفردين اللذين عُلِم بتحقق الكلّي في ضمن أحدهما.
لايجري هنا استصحاب الفرد المردَّد؛ للعلم بارتفاع أحد فردي الترديد[٦]، لفقد بعض أركانه، وهو اليقين السابق؛ لأنَّ كلّ فرد منهما بحكم تردّده غير متيقّن، فلا يكون موضعا لروايات هذا الباب. [٧]
أمَّا استصحاب الكلّي فالأقوى جريانه كما ذهب إلى ذلك أكثر المحقّقين[٨]، لكن في خصوص ما إذا لم يكن أثر الكلّي مباينا لأثر الفرد والخصوصيات الفردية، كما إذا علمنا علما إجماليا بنجاسة الثوب ولم نعلم أنَّه دم أو بول، فإنَّ أثر الكلّي والفرد هنا متَّحد، وهو الغسل مرة أو مرتين، أمَّا إذا كان أثر الكلّي مباينا لأثر الفرد، كما في مثال البول والمني من حيث إنَّ أثر البول وجوب الوضوء وأثر المني وجوب الغسل، وهما أثران متباينان، فتجري هنا قاعدة الاحتياط والاشتغال فقط لإثبات وجوب رعاية كلا الأثرين. [٩]
بل لاينبغي الإشكال في جريان الاستصحاب هنا؛ لوجود المقتضي وفقد المانع، أمَّا المقتضي فهو تحقق أركان الاستصحاب من وجود اليقين والشكّ في البقاء، وأمَّا عدم المانع فلكون المانع المتوهَّم هنا هو كون وجود القدر المشترك إنَّما يكون مسبَّبا عن حدوث الفرد الباقي، إذ لولا حدوث الفرد الباقي لكان يعلم بارتفاع القدر المشترك، فبقاء الكلّي إنَّما يكون معلولاً لحدوث الفرد الباقي، فيجري فيه استصحاب عدم الحدوث ويرتفع بذلك الشكّ في بقاء الكلّي؛ لأنَّ الأصل الجاري في السبب رافع لموضوع الأصل المسبَّبي، فلا يبقى مجال لاستصحاب بقاء القدر المشترك. [١٠] وهذا التوهُّم ضعيف ومردود بما يلي:
أولاً: أنَّ ارتفاع القدر المشترك ليس مسبَّبا عن عدم حدوث الفرد الباقي، بل هو مسبَّب عن ارتفاع الفرد الزائل.
ثانيا: ليس كلّ أصل جارٍ في الشكّ السببي رافعا لموضوع الأصل المسبَّبي وحاكما عليه، وهناك شروط ينبغي تحقّقها لصيرورته رافعا وحاكما، وهي غير متوافرة هنا. [١١]

الشبهة العبائية أو استصحاب الفرد المردّد

وردت مناقشات عديدة في جريان الاستصحاب الكلّي في القسم الثاني[١٢]، منها ما يعرف بالشبهة العبائية المنسوبة للسيّد إسماعيل الصدر[١٣]، وهي عبارة عمَّا يلي: لو علمنا بإصابة النجاسة أحد طرفي العباءة (الأيمن أو الأيسر) فطهَّرنا الطرف الأيمن، فهذا لايكفي للقول بطهارة العباءة بل تستصحب النجاسة؛ لاحتمال أن تكون النجاسة قد لاقت الطرف الأيسر، لكن إذا لاقت اليد الطرف الأيسر نحكم بطهارتها؛ لأنَّ ملاقي بعض الأطراف في الشبهة المحصورة طاهر، ومع ذلك إذا لاقت اليد الطرف الأيمن كذلك حكمنا بالنجاسة رغم طهارة الطرف الأيمن؛ وذلك بحكم استصحاب النجاسة؛ وهذا غريب جدا، فينبغي رفع اليد عن جواز استصحاب النجاسة الذي هو من نوع استصحاب الكلّي من القسم الثاني أو عن جواز استصحاب طهارة ملاقي بعض الأطراف، لرفع غرابة الأمر هنا. [١٤] وقد أجيب عن هذه الشبهة بعدّة أجوبة:
منها: أنَّ هذا ليس من موارد استصحاب الكلّي من القسم الثاني؛ لأنَّه يخصُ‏المتيقَّن المردَّد بين فردين وحقيقتين من قبيل التردُّد بين فرد متيقّن الارتفاع وآخر يحتمل البقاء، بينما المتيقّن هنا أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه والترديد في المحلّ والموضوع، فهو أشبه باستصحاب الفرد المردَّد عند ارتفاع أحد فردي الترديد، بأن نتيقَّن بوجود زيد في الدار ونتردَّد في تواجده في الجانب الشرقي الذي تهدَّم، فيعني موته، أو في الجانب الغربي، فيعني لا زال حيّا والترديد إذا كان في جهات أخرى غير الفردين، من قبيل الترديد في المكان أو الزمان أو اللباس، فلا يكون من القسم الثاني. [١٥]
ومنها: لا مورد لجريان استصحاب النجاسة هنا، وهي تجري في مفاد كان التامَّة لا الناقصة، فلا يمكن الإشارة إلى طرف معيَّن من العباءة والقول: بأنَّ هذا الطرف كان نجسا فتستصحب نجاسته؛ وذلك لأنَّ أحد طرفي العباءة مقطوع الطهارة والآخر مشكوك النجاسة، ولايقين لنا بنجاسة أحد طرفي العباءة، لكن يمكن إجراء هذا الاستصحاب في مفاد كان التامّة حيث يقال: كانت النجاسة موجودة في العباءة وشُكَّ في ارتفاعها فنستصحبها، لكن نجاسة الملاقي لاتترتَّب على هذا الاستصحاب؛ لكونه أصلاً مُثْبِتا. [١٦]

استصحاب الکلي القسم الثالث

وهو ما إذا كان الشكّ في بقائه لأجل احتمال قيام فرد آخر مقام الفرد الذي كان الكلّي في ضمنه مع القطع بارتفاعه، كما إذا علم بوجود الإنسان في الدار في ضمن وجود زيد، وعلم بخروج زيد عن الدار ولكن احتمل قيام عمرو مقامه، فيشكّ في بقاء الإنسان في الدار. [١٧] وهو على نحوين: 1 ـ أن يحتمل حدوث الفرد الثاني في ظرف وجود الأول. 2 ـ أن يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاع الأول، إمَّا بتبدُّله إليه أو بمجرّد المقارنة الاتفاقية بين ارتفاع الأوَّل وحدوث الثاني. [١٨] وفي جريان هذا الاستصحاب ثلاثة احتمالات: الأوَّل: جريانه مطلقا؛ باعتبار اليقين السابق والشكّ في الارتفاع، ولايضرُّ العلم بارتفاع بعض وجودات الكلّي والشكّ في حدوث وجودات أخرى، فإنَّ ذلك يمنع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلّي. [١٩]، ولا نعرف من يقول بهذا الرأي. [٢٠] الثاني: عدم جريانه مطلقا؛ باعتبار أنَّ بقاء الكلّي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجي المتيقّن سابقا، وهو معلوم العدم، فلا شكّ هنا. [٢١] وهذا الرأي هو المعروف بين الأصوليين. [٢٢] الثالث: التفصيل بين القسمين، فيجري في الأول دون الثاني؛ لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقا، فيتردَّد المعلوم سابقا بين أن يكون وجوده الخارجي على نحو لايرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه، وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فالشكّ حقيقة إنَّما هو في مقدار استعداد ذلك الكلّي للبقاء واستصحاب عدم حدوث الفرد المشكوك لا يُثبت تعيين استعداد الكلّي. ويستثنى من عدم الجريان في الثاني ما يتسامح فيه العرف، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمر الواحد، مثل ما لو علم السواد الشديد في محلٍّ وشكّ في تبدّله بالبياض أو بسواد أضعف من الأوَّل، فإنَّه يُستصحب السواد. وهذا الرأي للشيخ الأنصاري. [٢٣]

2 ـ استصحاب الأحكام

استصحاب الأحكام التكليفية

وهو الاستصحاب الذي يكون المستصحب فيه حكما تكليفيا لا وضعيا، من قبيل: استصحاب وجوب الصلاة أو الصوم أو التطهُّر. ذهب الفاضل التوني إلى عدم إمكانية الاستصحاب في الأحكام التكليفية؛ باعتبار أنَّها لاتثبت إلاَّ بالأدلَّة المنصوصة، والاستصحاب ليس منها، والخلاف الحاصل في الاستصحاب خاص بالأحكام الوضعية. [٢٤] لكنَّ جلَّ الأصوليين رفض هذا التفصيل. [٢٥]

استصحاب الأحكام الوضعية

وهو الاستصحاب الذي يكون المستصحب فيه حكما وضعيا لا تكليفيا، من قبيل: الأسباب والشروط والموانع، وقد حصل نقاش في جريان الاستصحاب في بعض مواردها، من قبيل: الشكّ في السببية والمانعية، فقد قال الفاضل التوني بعدم جريان الاستصحاب فيها، ويجري في نفس الأسباب و الشروط و الموانع كالبلوغ ؛ باعتباره سببا للتكليف والطهارة التي هي شرط للصلاة والحيض المانع منها. [٢٦] وقد رفض هذا الرأي جلّ أصوليي الشيعة. [٢٧]

استصحاب أحكام الشرائع السابقة

يراد منه استصحاب الأحكام الواردة في الشرائع السابقة، والتي لم يرد فيها حكم مباشر في الشريعة الإسلامية، والحكم ببقائها وعدم نسخها. من الأمثلة التي ذكرت لأحكام الشرائع السابقة، هو القرعة الواردة في قصة زكريا[٢٨] وقصَّة يونس[٢٩] في كتاب اللّه‏، فيستصحب هذا الحكم ويُحكم بثبوته لنا كذلك. [٣٠]

التعبُّد بشرائع من قبلنا

يبدو أنَّ جريان الاستصحاب في الشرائع المتقدِّمة متوقّف على القول بالتعبُّد أو عدم التعبُّد بها، وجريان الاستصحاب بحث مطروح بالنسبة إلى مَن قال بالتعبُّد أو بإمكانه نظريا على أقلِّ تقدير، والذي لم يقل به ينفي موضوع الجريان من الأصل. وقد اختلف أصوليو أهل السنّة ـ كما هو حال الشيعة ـ في قضية التعبُّد وانقسموا إلى طوائف:
الطائفة الأولى: نفي التعبُّد مطلقا، بل كان الرسول(ص) منهيّا عنها، حكاه ابن السمعاني عن أكثر المتكلّمين، وجماعة من أصحابه الشافعية ومن الحنفية[٣١]، وهو آخر قولي الشيخ أبي إسحاق[٣٢]، واختاره الغزالي في آخر عمره[٣٣]، وقال ابن السمعاني: إنَّه المذهب الصحيح. [٣٤]
الطائفة الثانية: كونها شرائع لنا كذلك إلاَّ ما ثبت نسخه، وهو لأبي إسحاق[٣٥]، و نُقل عن أصحاب أبي حنيفة، وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه، وعن بعض أصحاب الشافعي[٣٦]، كما نقله ابن السمعاني عن أكثر أصحابه الشافعية وعن أكثر الحنفية وطائفة من المتكلّمين[٣٧]، وقال ابن القشيري: هو الذي صار إليه الفقهاء. [٣٨]
الطائفة الثالثة: التفصيل، وفيه أقوال كثيرة، فمنهم من قال: شرع إبراهيم عليه‏السلام وحده شرع لنا دون غيره[٣٩]، ومنهم من قال: شريعة موسى عليه‏السلام شرع لنا إلاَّ ما نسخ بشريعة عيسى عليه‏السلام، ومنهم من قال: شريعة عيسى عليه‏السلام شرع لنا دون غيره. [٤٠]
الطائفة الرابعة: الوقف، حكاه الغزالي في «المنخول»[٤١]، و ابن القشيري[٤٢]، و استبعده الآمدي. [٤٣] ولكلٍّ من الطوائف والأقوال أدلَّتها ونقاشاتها وتفريعاتها.
فمن المحتمل بالنسبة إلى أصحاب الطائفة الأولى والرابعة، الذين ينفون تعبُّد الرسول(ص) بالشرائع السابقة أو يقفون في ذلك، أن يعمّموا الأمر إلى عامة الناس وينفوا الاستصحاب، ولهذا نجد الزركشي[٤٤] يطرح موضوع استصحاب شرائع من قبلنا كأحد تنبيهات موضوع شرائع من قبلنا وتعبّد النبي(صلی‌الله عليه وآله وسلم) به، وأبا إسحاق الشيرازي[٤٥] يطرح موضوع شرع من قبلنا كشرع لنا أم لا، دون الإشارة إلى تعبّد الرسول(صلی‌الله عليه وآله وسلم) به أو عدم تعبّده، والآمدي[٤٦] يطرح موضوع تعبّد الرسول(صلی‌الله عليه وآله وسلم) والأمة في مكان واحد. ومن المحتمل كذلك أنّهم لايجدون علاقة بين الأمرين، فقد يقولون باستصحاب الشرائع السابقة لعامة الناس رغم نفيهم تعبُّد النبي(صلی‌الله عليه وآله وسلم) بها. الشيخ الأنصاري والآخوند وغيرهما اختاروا الجريان[٤٧]، لكنَّ الأكثر قال بعدم جريانه للقرائن التالية:
الأولى: تغاير موضوع الشرائع السابقة، من حيث أنَّ المدركين لها هم المكلَّفون بها دون غيرهم، وقد انقرضوا حاليا. [٤٨]
الثانية: أنَّ الشرائع السابقة قد نُسِخَت بالإسلام، فلا يجوز البقاء على أحكامها. [٤٩]
الثالثة: انعدام الجدوى منه، فإنَّه على فرض جريان الاستصحاب لابدَّ من إمضاء الشارع والصادع بالشريعة لها؛ وذلك بدليل قوله(ص): «ما من شيء يقرّبكم من الجنَّة ويباعدكم من النار إلاَّ وقد أمرتكم به»[٥٠]، ومع عدم العلم بالإمضاء لا تكون هناك جدوى للاستصحاب. [٥١] أمَّا القائلون بجريانه فقد استدلّوا على حجّيته بوجود المقتضي من اليقين بالحكم سابقا والشكّ به لاحقا وعدم وجود المانع، فلا فرق في المستصحَب بين أن يكون حكما ثابتا في هذه الشريعة أو حكما من الشرائع السابقة، مع أنَّ أدلَّة الاستصحاب عامة، والقرائن المزبورة مرفوضة. أمَّا القرينة الأولى فتردُّ بأمور:
أولاً: أنَّ من أدرك الشريعتين يكون متيقنا بالحكم فيستصحبه، وبقاعدة اشتراك التكليف نثبت الحكم لمن لم يدرك الشريعتين. [٥٢]
ثانيا: أنَّ الأحكام الشرعية موضوعة على نحو القضية الحقيقية وليس على نحو القضية الخارجية الخاصة بالأفراد الموجودين عند نزول التشريع، والموضوع فيها يؤخذ عنوانا كلّيا مرآتيا لما ينطبق عليه من الأفراد عند وجودها. [٥٣] والقرينة الثانية مردودة: بأنَّ العلم بالنسخ منحلّ إلى علم إجمالي وتفصيلي، فإنَّا على شكٍّ بدوي في بعض الموارد رغم علمنا تفصيلاً بنسخ الموارد الأخرى، فيمكننا إجراء الاستصحاب في الموارد الأخيرة (مشكوكة النسخ)، والشريعة السابقة وإن كانت منسوخة يقينا إلاَّ أنَّ ذلك لايوجب ارتفاع أحكامها بتمامها، و النسخ يعني عدم بقائها بتمامها لا ارتفاعها بتمامها. [٥٤] والقرينة الثالثة تُردُّ: بأنَّ حكم كلّ شريعة حكم إلهي ناشئ عن مصلحة تامة، فبقاؤه في الشريعة اللاحقة ملازم لإمضائه في تلك الشريعة، وبقاؤه يكشف عن تمامية ملاكه، وعدم إمضائه يساوق عدم تمامية ملاكه في الشريعة اللاحقة، وهو خلف، فالمفروض القول ببقاء ملاكه، وإلاَّ يلزم جهل الصادع بها، وهو مستحيل. [٥٥]

شروط جريان استصحاب شرائع من قبلنا

وعلى فرض جريان الاستصحاب فهناك شروط:
منها: أن يرد التشريع السابق عن طريق معتبر مثل القرآن والسنّة الصحيحة.
ومنها: أن لا تختلف في التحريم والتحليل شريعتان.
ومنها: أن يكون التحريم والتحليل ثابتا قبل تحريفهم وتبديلهم، فإن استحلّوا وحرّموا بعد النسخ والتحريف فلا عبرة به البتة. [٥٦]

ثمرة البحث

على فرض جريان استصحاب الشرائع السابقة تذكر النقاط التالية كثمرات له:
الأولى: مسألة القرعة الواردة في قوله تعالى: «وما كنتَ لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يَختَصِمون»[٥٧]، وفي قصّة يونس عليه‏السلام في قوله تعالى: «فساهَمَ فكان مِنَ المُدحضينَ»[٥٨]، فإنَّه يستفاد من الآيتين حجية القرعة عند التنازع في كلٍّ من شريعة زكريا عليه‏السلام وشريعة يونس عليه‏السلام، فتستصحب في الشريعة الإسلامية.
الثانية: اعتبار أو عدم اعتبار قصد القربة في الأوامر، فالظاهر اعتبار قصد القربة في أوامر الشرائع السابقة من قوله تعالى: «وما اُمروا إلاَّ ليعبدوا الله مخلصين‏له الدين»[٥٩] باعتبار أنَّ الضمير في «اُمروا»يرجع إلى أهل الكتاب، ويستفاد من ذلك أنَّ الأصل في الأمر عند الدوران بين التعبُّديَّة والتوصُّلية هو التعبُّدية، فيستصحب هذا في شريعتنا كذلك.
الثالثة: عدم اعتبار معلومية المقدار في الجعالة كما يستفاد ذلك من قصة يوسف عليه‏السلام في قوله تعالى: «قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ»[٦٠] فإنَّ (حِمل بعير) مقدار غير محدَّد بالضبط، ونستصحب ذلك في شريعتنا. كما يستفاد من ذات الآية وعبارة: «وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ»جواز ضمان ما لم يجب، أي لم يكن فعليا، إذ يثبت الضمان في الجعالة قبل التحقق في الخارج، فنستصحبه في شريعتنا كذلك.
الرابعة: جواز ترك النكاح واستحبابه المستفاد من قصة يحيى عليه‏السلام في قوله تعالى: «فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الِمحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدا وَحَصُورا وَنَبِيّا مِّنَ الصَّالِحِينَ»[٦١] باعتبار أنَّ الحصور تعني تارك النكاح، وقد ورد هذا الوصف في الآية كصفة إيجابية ومدح ليحيى عليه‏السلام، فيستصحب في شريعتنا هكذا.
الخامسة: عدم لزوم الحنث بالعدول عن الضرب بالسوط إلى الضرب بالضغث في باب النذور والأيمان، كما يستفاد ذلك من قصة أيوب عليه‏السلام في قوله تعالى: «وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثا فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ»[٦٢] فإنَّ ظاهر الآية تجويز العدول من مورد إلى آخر في شريعة أيّوب عليه‏السلام، فيستصحب في شريعتنا.
السادسة: اعتبار أصل المساواة في باب القصاص المستفاد من الآية: «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ»[٦٣] وذلك في شريعة موسى عليه‏السلام، فيستصحب هذا الأصل في شريعتنا، ويجري في الموارد المشكوكة من قبيل ذي العين الواحدة، ففيه احتمالات ثلاثة هي: جواز القصاص فقط، وعدم جواز القصاص بل وجوب الدية فقط، وجواز القصاص مع نصف الدية، وباستصحاب هذا الأصل وإطلاقه نستفيد جواز القصاص.
السابعة: جواز الترديد في الزوجة وفي المهر، وجواز إعطاء المهر لأب الزوجة، وجواز وقوع عمل الحرّ مهرا، كما يستفاد ذلك من قصة موسى وشعيب عليهماالسلام في الآية الكريمة: «قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرا فَمِنْ عِندِكَ»[٦٤] فإنَّ عبارة «فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرا فَمِنْ عِندِكَ» تفيد جواز الترديد في المهر، وعبارة «تَأْجُرَنِي» تفيد جواز إعطاء المهر لأب الزوجة، وتفيد كذلك جواز وقوع عمل الحرّ مهرا للنكاح. هذا فيما إذا كانت العبارات المزبورة صدرت من شعيب وفي مجلس إجراء الصيغة لا مجلس المقاولة للنكاح، على أنَّ بعضا رفض بعض هذه الثمرات وناقش فيها. [٦٥]

3 ـ الاستصحاب الاستقبالي

لم يتعرَّض لهذا النوع من الاستصحاب إلاَّ المحقّق النائيني في بحث المقدّمة المفوّتة، إذ نسب عدم جريانه إلى الشيخ محمد حسن النجفي دون التعرّض إلى دليله، وقد حكي عنه خلافه في مسألة إدراك الجماعة بإدراك الإمام راكعا، إذ منع تصحيح صلاة المأموم باستصحاب بقاء الإمام راكعا؛ لكونه مثبتا، لكن جوَّز له الاقتداء رغم هذا الاحتمال، عملاً بالاستصحاب. [٦٦]
وهو أن يكون المتيقَّن فعليا والمشكوك استقباليا. [٦٧]. مثاله: أن يكون الشخص مدينا لآخر وقادرا على وفاء دينه وشك في قدرته على الوفاء إلى نهار غد، فالمثال يصلح للاستصحاب الاستقبالي، أي يستصحب بقاء القدرة حتى نهار غد[٦٨]، أو استصحاب بقاء الدم ثلاثة أيام لترتيب آثار الحيض بمجرّد رؤيته. [٦٩] رغم أنَّ أدلَّة الاستصحاب وردت في الشك غير الاستقبالي إلاَّ أنَّ عموم التعليل لايفرّق بينه وبين ذلك القسم. [٧٠]
بعض يرى في حجّية الاستصحاب الاستقبالي إشكالاً، إذا انحصر الدليل بتعابير مثل: (لأنَّك كنت على يقين من طهارتك ثمَّ شككت) فإنَّها عبارات تفيد اتصال زمان الشك باليقين، وفي الاستقبالي فصل بين زمان الشك واليقين. [٧١]

4 ـ استصحاب الأصل العدمي

يراد من هذا الاستصحاب استصحاب الأصل الذي يكون المستصحب فيه عدميا لا وجوديا، من قبيل: عدم نقل اللفظ عن معناه، وعدم القرينة، وعدم موت زيد، وعدم رطوبة الثوب، وعدم حدوث موجب الوضوء أو الغسل. والبحث فيه أعمّ من البحث في استصحاب البراءة الأصلية التي تخصُّ الحكم الشرعي، وتعدُّ البراءة الأصلية أو (أصالة النفي) من أقسام هذا الاستصحاب ومصاديقه. وقد ادُّعي الإجماع على اعتبار الاستصحاب في العدميات، عند القائلين بأنّه لا حكم قبل الشرع[٧٢]، وقد استقرّت سيرة العلماء على التمسُّك بهذه الأصول، لكنَّ هذا الإجماع موضع شك وتأمُّل، فقد أنكر السيد محمد العاملي اعتبار استصحاب عدم التذكية[٧٣]، مع أنَّه قد شُكَّ في جريان البراءة الأصلية.

5 ـ استصحاب الأصل الوجودي (الاستصحاب الوجودي)

وهو استصحاب الأصل الذي يكون المستصَحب فيه أمرا وجوديا لا عدميا، من قبيل: استصحاب الطهارة أو النجاسة أو الكرية أو الوجوب والاستحباب، ولا فرق بين كون المستصحَب موضوعا أو حكما. ولا شكَّ في كون هذا الاستصحاب هو محلّ نزاع بين الأصوليين[٧٤]، فقد وردت عن القائلين به تفاصيل عديدة:
منها: التفصيل بين ما إذا كان مدرك الحكم عقليا أو شرعيا.
ومنها: التفصيل بين الحكم الجزئي وغيره، والكثير من التفاصيل الأخرى. [٧٥]

6 ـ الاستصحاب في الألفاظ والأمور اللغوية

المراد من الألفاظ والأمور اللغوية هنا موارد من قبيل: الشك في المعنى الموضوع له، والقرينة والنقل والظهور، وما شابه ذلك، ويشكل ابتناؤها على الاستصحاب التعبُّدي موضع البحث؛ لعدم كونها موردا للأثر الشرعي. [٧٦]
ومن الواضح أنَّ الاستصحاب إن تمَّ في هذه الأمور فهو مُثْبِت؛ لأنَّ مؤدّاه ليس أثرا شرعيا[٧٧]، لكن المشكيني قال: «الأقرب تحقّقه في ما كان للفظ ظهور في معنى ثمَّ شكّ في بقائه؛ لاحتمال النقل أو لغير ذلك، فحينئذٍ لا مانع من استصحاب الظهور؛ لكونه موضوعا للحجية التي هي من المجعولات على التحقيق»[٧٨]، بل قيل: باتفاق الأصوليين على جريان الأصل المُثْبِت في الأصول اللفظية. [٧٩] لكن مع وجود أصول عقلائية من قبيل حجّية الظهور يستغنى عن استصحاب الظهور. [٨٠]

7 ـ الاستصحاب في الأمور الاعتقادية

وهو استصحاب الأمور الاعتقادية والأفعال الجوانحية، من قبيل: اليقين بإمامة إمام والشكّ في بقاء إمامته، فيستصحب بقاء إمامته. [٨١] نفى الشيخ الأنصاري جريان الاستصحاب في الأمور الاعتقادية؛ باعتبار انخرام بعض أركانه من قبيل انعدام الأثر الشرعي[٨٢]، ورأى بعض أنَّه إن كان من قبيل النبوّة والإمامة فلا ينبغي التأمُّل والإشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه، وأنَّ الشيخ الأنصاري قد أطال الكلام في هذا الموضوع مع أنَّه لايستحق إطالةً. [٨٣]
الآخوند الخراساني فصَّل الكلام في هذا المجال وقسَّم الأمور الاعتقادية إلى قسمين:
القسم الأوَّل: الأمور الاعتقادية التي كان المهم فيها شرعا هو الانقياد والتسليم والاعتقاد بمعنى عقد القلب عليها من الأعمال القلبية الاختيارية، فلا إشكال في جريانها سواء وقعت حكما في الاستصحاب أو موضوعا، بشرط احتوائها لجميع أركان الاستصحاب من اليقين والشكّ وما شابه.
وقد يكون المهم فيها شرعا وعقلاً هو القطع بها ومعرفتها، من قبيل تفاصيل يوم القيامة، فيجري الاستصحاب فيها إن كانت حكما، ولايجري إن كانت موضوعا.
القسم الثاني: الأمور الاعتقادية التي يجب تحصيل اليقين فيها، من قبيل: نفس النبوَّة أو حياة إمام زمانٍ، وهذه لايجري الاستصحاب فيها؛ لأنَّ الاعتقادات كسائر الموضوعات لأجل جريان الاستصحاب فيها لابدَّ من وجود أثر شرعي. [٨٤] ويمكن أن يبرّر عدم الجريان هنا: بأنَّ اليقين في هذه الأمور مأخوذ في الموضوع، والشكّ يوجب ارتفاع الموضوع، ومع الشكّ لايبقى موضوع لكي يستصحب، والاستصحاب لايوجب اليقين، كما هو واضح. [٨٥] ويستثنى من ذلك ما إذا كان المستصحَب أمرا مجعولاً من قبيل: الولاية، فبالإمكان استصحابها؛ لأنَّه لايشترط فيها تحصيل اليقين[٨٦]، على أنَّه لايصحّ استصحاب كلّ مجعول ما لم يترتّب عليه أثر عملي. ويبدو أنَّ عدم جريان هذا محلّ وفاق لدى الجميع. [٨٧]

8 ـ استصحاب الأمور التدريجية

الأمور التدريجية هي الأمور المبنية على التقضّي والتصرُّم كالحركة والتكلُّم[٨٨]، وهي على أربعة أقسام:
1 ـ ما لايدركه إلاَّ العلماء والفلاسفة، وهو تدريجية تمام الموجودات؛ لأنَّ وجودها يترشَّح من المبدأ الفيّاض آنا فآن، سواء أكانت لها حركة جوهرية كما في الماديات، أم لم تكن كما في المجرّدات.
2 ـ ما يغفل عنه العرف لكن يدركه عند التدقيق، مثل الحركة الموجودة في السراج الكهربائي أو الزيتي.
3 ـ ما يكون ظاهرا ومحسوسا لدى العرف، كجريان ماء النبع وسيلان دم الحيض.
4 ـ ما يكون في الواقع من الموضوعات المقطَّعة ولكن تكون لها وحدة اعتبارية، كالقراءة والتكلّم.
لا إشكال في جريان الاستصحاب في القسم الأوَّل والثاني والثالث إذا كان هناك أثر شرعي؛ لاتّحاد الموضوع فيها، وإنَّما الإشكال في القسم الرابع، فقد أجرى بعض الاستصحاب فيه بناءً على تحقّق الوحدة العرفية وإن كانت اعتبارية، وقد ذهب إليه كثير من المحقّقين. والذي منع من جريانه احتجَّ بعدم اعتبار التسامحات العرفية هنا. وهناك مَن فصَّل بين ما إذا اتَّحد الداعي فلا يجري، كما إذا كان زيد مريدا للذهاب من النجف الى بغداد من أول الأمر، وما إذا تعدَّدت الدواعي فيجري، كما إذا كان زيد مريدا للذهاب من النجف إلى كربلاء، ثمَّ شككنا في حصول داع جديد له للذهاب من كربلاء إلى بغداد. [٨٩]

9 ـ استصحاب الأمور القارَّة المقيَّدة بالزمان

الأمور القارّة المقيّدة بالزمان هي من قبيل وجوب الإمساك المقيّد بالنهار والشكّ في وجوبه ما بعد النهار، أو الجلوس المقيّد بإلى الزوال، والشكّ في وجوبه إلى ما بعد الزوال أو الصلاة المقيّدة بإتيانها داخل الوقت والشكّ في بقاء الوجوب إلى ما بعد انقضائه.
يرى بعض أنَّ جريان الاستصحاب في هذا القسم كجريانه في نفس الزمان إشكالاً وجوابا. [٩٠]
لكنَّ الكثير فصَّل في الشكّ المتصوَّر هنا، وما إذا كان ناشئا من الشكّ في بقاء القيد (كالشك في بقاء الليل أو النهار)، أو ناشئا عن أمور أخرى من قبيل الشكّ في بقاء الوجوب؛ لاحتمال كون القيد من علل حدوثه، وهناك علّة أخرى تقتضي بقاءه أو لاحتمال كون الواجب بنحو تعدُّد المطلوب.
كما فصِّل الشكّ في بقاء القيد إلى ثلاث حالات:
الأولى: ما إذا كان منشؤه الشبهة المصداقية.
الثانية: ما إذا كان منشؤه الشبهة المفهومية، مع القطع ببقاء القيد بمعنى وزواله بمعنى آخر، (كالشكّ في أنَّ النهار ينتهي بغياب القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية).
الثالثة: ما إذا كان منشؤه الشكّ في أخذ أيِّ واحد من القيدين المبيَّنين مفهوما.
وفي كلٍّ من هذه الحالات الثلاث إمَّا يؤخذ الزمان في ظاهر الدليل ظرفا أو قيدا مقوّما لنفس الحكم، أو يؤخذ في الموضوع ظرفا أو قيدا مقوّما له. وقد اختلف في جريان الاستصحاب في كلٍّ من هذه الشقوق والحالات».[٩١]

10 ـ استصحاب البراءة الأصلية (أصالة النفي)

يراد من استصحاب البراءة الأصلية استصحاب عدم اشتغال الذمة بتكليف شرعي[٩٢]، وهو ما يدعى بأصالة النفي أو استصحاب النفي في الحكم الشرعي إلى أن يرد دليل[٩٣]، أو العدم الأصلي[٩٤]، ويكون المستصحَب فيها عدميا، ويسمَّى استصحابها «استصحاب حال العقل»[٩٥]، ومن مصاديقه استصحاب عدم التكليف في حال الصغر السابق على البلوغ[٩٦]، وتعدُّ من الأدلَّة العقلية، وتقابلها الدلالة الشرعية[٩٧]، فإذا انتفت الدلالة الأخيرة رجع إلى البراءة الأصلية، ولهذا يرى الغزالي الرجوع إليها عند فقد دليل السمع. [٩٨]
وباعتبار كون المستصحَب فيها عدميا ادُّعي عدم الخلاف في جريان هذا الاستصحاب، مستدلّين على ذلك بسيرة العلماء على التمسّك بالأصول العدمية عموما من قبيل: أصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك وغير ذلك، فقد قال المحقّق الحلّي: أطبق العلماء على أنَّ مع عدم الدلالة الشرعية يجب بقاء الحكم على ما تقتضيه البراءة الأصلية، ولا معنى للاستصحاب إلاَّ هذا. [٩٩] لكنَّ الإجماع مرفوض، فالحنفية يتوقّفون عند عدم الحكم، أي لايثبتون حكما ولاينفون حكما. [١٠٠]

11 ـ الاستصحاب التعليقي أو التقديري

وهو استصحاب الحكم الكلّي المعلَّق، ومثاله: ماء الزبيب إذا غلى، فهل يكون بمثابة عصير العنب الذي يحرم بالاتفاق وينجس على المشهور، أم لا؟ فهناك شكّ في حرمة ماء الزبيب إذا غلا.
وبحث هذا القسم يأتي فيما إذا قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية التنجيزية، أمَّا إذا قلنا بعدم جريانه فيها فمن باب أولى أن لايجري في الأحكام التعليقية. [١٠١] وهو حجّة بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية. [١٠٢]
استدلَّ القائلون بـ الاستصحاب التعليقي على حجّيته بتوافر أركان الاستصحاب من اليقين السابق والشكّ اللاحق وأنَّه لا فرق من حيث أدلَّة الاستصحاب، من الأخبار والعقل، بين الاستصحاب التعليقي وغيره من الاستصحابات. [١٠٣]
أمَّا النافون لحجّية هذا الاستصحاب، فقد اعترضوا على المثبتين بعدّة اعتراضات:
الأوَّل: أنَّ الموضوع المركّب ينبغي تحققه بجميع أجزائه وشرائطه، وهو في مثال العنب عبارة عن العنب والغليان، والزبيب غير العنب. [١٠٤]
وقد رُدَّ هذا الاعتراض بنحوين: 1 ـ كونه مناقشة في المثال. 2 ـ العرف يعدُّ العنب والزبيب شيئا واحدا، وحاله حال باقي الفواكه والخبز، وليس من قبيل انقلاب الخمر خلاًّ. [١٠٥]
الثاني: تعارض الاستصحاب التعليقي مع استصحاب تنجيزي، وهو الحلّية أو طهارة العصير قبل الغليان. [١٠٦]
رُدَّ هذا الاعتراض بنحوين:
1 ـ استصحاب الحرمة على تقدير الغليان حاكم على استصحاب الإباحة قبل الغليان[١٠٧]؛ وذلك باعتبار أنَّه يُلغي الشكّ في الحكم التنجيزي. [١٠٨]
2 ـ لا معارضة بين الاستصحابين، فإنَّ الحرمة معلَّقة وتستصحب معلَّقة كذلك، والحلّية مغيّاة بعدم الغليان أي معلَّقة على عدمه، فتستصحب معلَّقة كذلك، ولا تنافي بين حلّية مغيّاة وحرمة معلَّقة على الغاية؛ إذ لايجتمعان في آنٍ واحد. [١٠٩]
الثالث: ما فهمه المحقّق العراقي من عبارة المحقّق النائيني، في عدم تمامية أركان الاستصحاب هنا، بأنَّه يشترط في المستصحَب أن يكون أمرا خارجيا أي محمولاً ثابتا لموضوع خارجي، والحكم المعلَّق ليس له وجود في الخارج قبل تنجّزه. [١١٠]
رُدَّ هذا الاعتراض بأنحاء:
1 ـ المحقّق النائيني لم يشترط كون المستصحب أمرا في الخارج، بدليل أنَّه يجري الاستصحاب في الأعدام.
2 ـ لو كان مراده كما يرى المحقّق العراقي؛ فإنَّه ينقض باستصحاب عدم النسخ وبقاء الجعل مع أنَّه ليس أمرا في عالم الخارج. [١١١]

12 ـ الاستصحاب في حالات الشكّ في التقدُّم والتأخُّر

الشكّ في التقدُّم والتأخُّر من قبيل التردُّد في موت زيد يوم الخميس أو الجمعة بعد اليقين بأصل موته، والنزاع هنا في جريان استصحاب عدم تقدُّمه على يوم الجمعة أو عدم تأخُّره عن يوم الخميس، هذا فيما إذا كان هناك أثر يترتَّب على موته بنذر وما شابه.
والكلام هنا وقع في موردين: الأول: من حيث النظر إلى المسألة بالقياس إلى نفس الزمان وأجزائه. الثاني: من حيث النظر إلى المسألة بالقياس إلى حادث زماني آخر.
المورد الأوَّل: لا شكَّ في جريان استصحاب عدم تحقُّق الحادث في الزمان الأوَّل، وهو مقتضى استصحاب الحالة المتيقنة السابقة وعدم البناء على الحالة المشكوكة. أمَّا آثار الحدوث في الزمن الثاني وآثار التأخُّر عن الزمن الأوَّل فلا تترتَّب، ولايجري الاستصحاب هنا؛ لكونه مُثْبِتا. لكن خُرِّج إجراء الاستصحاب وترتيب الآثار في هذا المورد بالاعتبارات التالية: 1 ـ كون الواسطة خفية، وعند خفاء الواسطة يجري الأصل المُثبت كما ذُكر في محلّه. 2 ـ وجود نسبة التضايف بين الاستصحابين، أي إذا ثبت أحدهما لزم ثبوت الآخر. 3 ـ كون الحدوث أمرا مركّبا من حدوث شيء في زمنٍ ما وعدمه في الزمان السابق، والقيد الأوَّل حاصل بالوجدان، وهو الموت في المثال، والقيد الثاني ثابت بالأصل. [١١٢]
إلاَّ أنَّ بعض رفض هذه المبرِّرات، أمَّا خفاء الواسطة فإنَّها لم تبلغ مستوى رفض الواسطة والتغافل عنها بالكلّية، وأمَّا التضايف فمرفوض؛ لأنَّ الواقع ليس تضايفا، وأمَّا كون العنوان المستصحَب مركّبا فخلاف الظاهر؛ لكون المنتزع من العنوان هو بساطته لا تركُّبه، وهو نظير الفوقية، فالمنتزع منها البساطة لا التركُّب من أمرين. [١١٣]
المورد الثاني: وهو النظر إلى الحادث بالقياس إلى حادث زماني آخر فيشكّ في تقدُّمه أو تأخُّره عليه، من قبيل إرث الحفيد المترتب على موت الجدّ والأب، ولهذا الأمر حالتان وكلّ حالة تتشعَّب إلى أربعة فروض، والمجموع ثمانية فروض، والحالتان:
1 ـ أن يكون الحادثان مجهولي التاريخ، وهذا الفرض ينقسم إلى أربعة فروض؛ لأنَّ الأثر تارةً يترتَّب على أمر وجودي، وهو التقدُّم أو التأخُّر أو التقارن، ويراد من الاستصحاب هنا نفي الأثر المترتِّب على الأمر الوجودي. وتارةً أخرى يترتَّب الأثر على أمر عدمي (أي عدم التقدُّم أو التأخُّر أو التقارن) ويراد من الاستصحاب هنا إثبات الأثر. وعلى الفروض المتقدّمة تارةً يكون الأثر مترتبا على وجود الشيء بنحو مفاد كان التامة أو على عدمه بنحو مفاد ليس التامة، وتارة أخرى يكون مترتبا على وجوده بنحو مفاد كان الناقصة أو على عدمه بنحو مفاد ليس الناقصة.
2 ـ أن يكون أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهوله، ولهذا الفرض أربعة صور كذلك، هي ذاتها التي وردت في الفروض والصور الأربعة المتقدّمة.
وفي جريان الاستصحاب في هذه الفروض نقاشات ناشئة عن وجود المقتضي للاستصحاب وعدم وجوده، أو وجود المانع وعدمه، أو وقوع فاصل زمني بين اليقين والشكّ، أي عدم اتصالهما، فبعض يشترط الاتصال بينهما، وبعض آخر يشترط الفعلية فقط دون الاتصال. وبتعبير آخر: الشكّ في جريان الاستصحاب في هذه الموارد ناشئ عن الشكّ في تحقُّق شروط جريان الاستصحاب. [١١٤]

13 ـ الاستصحاب في حالات الشكّ السببي والمسبّبي

يطلق الاستصحاب أو الأصل السببي والمسبَّبي عندما يكون لدينا استصحابان: أحدهما ينقّح الموضوع للآخر ويعالج المشكلة في مرحلة الموضوع، فيسمى سببّيا، والآخر يعالج المشكلة في مرحلة الحكم فيسمى مسببيّا، من قبيل الشكّ في بقاء طهارة الماء المعيّن، فنستصحب الطهارة، التي هي موضوع للحكم بجواز شرب الماء، فيترتب جواز شربه على الاستصحاب المزبور. والاستصحاب الآخر هو جواز الشرب من الماء المعيّن الذي شكّ في بقاء طهارته، فيستصحب جواز الشرب؛ بناءً على الاستصحاب السابق الذي جرى في الماء.
ولا إشكال في جريان الاستصحابين هنا؛ لاتحاد نتيجتهما، إنّما النقاش فيما إذا تعارضت نتائجهما، من قبيل: استصحاب طهارة الماء المغسول به ثوب نجس، فإنَّ الشكّ في بقاء نجاسة الثوب وارتفاعها مسبَّب عن الشكّ في بقاء طهارة الماء وارتفاعها. وعليه يكون استصحاب طهارة الماء أصلاً سببيَّا، واستصحاب عدم طهارة الثوب أصلاً مسبَّبيَّا. [١١٥]

14 ـ استصحاب حكم الإجماع في محلّ النزاع

وهو استصحاب المجمع عليه في مواضع النزاع، ومثِّل له بقولنا: (الخارج من غير السبيلين لاينقض الوضوء؛ للإجماع على أنَّ الإنسان متطهِّر قبل هذا الخارج فيستصحب). [١١٦] وهو لايختلف عن أصل الاستصحاب الدارج، إلاَّ أنَّ المستصحَب هنا يُدَّعى ثبوته بالإجماع عوضا عن ثبوته بباقي الأدلَّة.
نفى حجيَّته الغزالي، وأبو الطيب الطبري، والقاضي أبو علي ، وابن عقيل ، وأبو خطاب ، والحلواني ، وابن الزاغوني[١١٧]؛ وذلك باعتبار أنَّ وجود الخلاف بحدِّ ذاته دليل على عدم انعقاد الإجماع. [١١٨]
لكنَّ القائلين بجريانه استدلّوا على حجيَّته في المثال المتقدِّم، بأنَّ الإجماع قائم على أنَّ الخارج من غير السبيلين لاينقض الوضوء قبل أن يخرج المشكوك فيه، والأصل استمرار الحكم إلاَّ أن يوجد النافي له، والأصل عدمه، مع أنَّ المورد المشكوك لم يثبت قطعا كونه نافيا. [١١٩]
ورُدَّ دليل الغزالي: بأنَّه رغم كون الاستصحاب ليس دليلاً بحدِّ ذاته لكنَّه دليل الدليل على الحكم ، أي أنَّه يوجب غلبة الظن ببقاء ما كان متحقّقا على حاله دون تغيير. [١٢٠] وقد تقدَّم بعض الكلام في هذا المجال في التفصيل الثامن من التفاصيل الواردة في الاستصحاب.

15 ـ استصحاب الزمان

مثاله: ترتيب جواز الأكل والشرب على عدم طلوع الفجر في شهر رمضان، وفقا لقوله تعالى: «كُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ»[١٢١]، فعند الشكّ في تبيّن الخيط الأبيض نستصحب عدمه، وكذلك ترتيب وجوب الصلاة على عدم انتصاف الليل، وفقا لقوله تعالى: «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»[١٢٢] أي انتصافه، فعند الشكّ في تحقّق الغسق نستصحب عدمه ونرتِّب عليه الأثر.
وقد وقع الإشكال في جريان هكذا استصحاب إثر الاختلاف في تفسير الزمان، وأنَّه موجود واحد وحقيقته التدرّج، أو أنَّه موجود مركّب من آنات قصيرة ومتباينة لا تتجزّء، فإذا قلنا بالأوَّل صحّ الاستصحاب؛ باعتبار اتحاد القضيتين، فقد تعلَّق اليقين بزمان وشكّ في بقاء ذات الزمان، أمَّا على القول الثاني فيشكل جريانه، باعتبار اختلاف القضيتين. لكن قيل: بجريانه حتَّى على القول الثاني؛ وذلك لاتحاد القضيتين عرفا رغم اختلافهما حقيقةً، فإنَّ المستصحَب هنا نفس الزمان لا قطع الزمان وأجزائه. [١٢٣]

16 ـ استصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص واستصحاب النصّ إلى أن يرد نسخ

هذا الاستصحاب يعني أنَّ العموم إذا ثبت استصحب حُكمه ما لم يرد تخصيص له، كما أنَّ النصَّ إذا ثبت صدوره استصحب مؤدَّاه ما لم يرد فيه نسخ[١٢٤]، وهو مقتضى القول بالاستصحاب، ولايبدو وجود خلاف في ذلك، بل هو من المسلَّمات لدى العلماء، وعملوا وفقه خلفا عن سلف. [١٢٥]

17 ـ استصحاب الكتابي

وهو استدلال الكتابي لإثبات دينه بالاستصحاب.[١٢٦] ومنشأ الشبهة في جريان هذا الاستصحاب هو نزاع وقع بين السيّد محمد باقر القزويني حينما قدم إلى قرية ذي الكفل (تقع بين النجف وكربلاء) في مسير زيارته، والعالم اليهودي بعد أن ادَّعى جريان استصحاب نبوَّة موسى عليه‏السلام، وأجاب عنه القزويني بجواب اقتبسه ممَّا روي عن الإمام الرضا عليه‏السلام في جواب جاثليق العالم المسيحي، وهو: «أنا مقرٌّ بنبوّة كلِّ موسى أخبر بنبوَّة نبي الإسلام، وكافر بنبوَّة كلِّ موسى لم يقرّ بنبوَّة محمد(ص) وكتابه»[١٢٧]، ولم يرتضه اليهودي؛ نظرا إلى أنَّ موسى جزئي حقيقي لا كلّي يكون له مصاديق مختلفة. [١٢٨]
ذهب الأصوليون إلى بطلان هذا الاستصحاب للأمور التالية:
أولاً: أنَّ منشأ يقين المسلم بنبوَّة الأنبياء السابقين هو الأخبار، وهي كما أخبرت بنبوَّة هؤلاء أخبرت بانقطاع نبوَّتهم وبنسخ شرائعهم وتحريفها كذلك. [١٢٩]
ثانيا: على فرض حصول اليقين بنبوَّة الأنبياء السابقين عن غير طريق الأخبار فإنَّ المسلم لايشكُّ في بقائها، بل على يقين بارتفاعها؛ للأخبار الواردة في هذا المجال، وهذا يعني انعدام الشكّ الذي هو أحد أركان الاستصحاب. [١٣٠]
ثالثا: من شرائط جريان الاستصحاب هو الفحص حتَّى اليأس، ومن خلال الفحص يثبت اليقين بنسخ الشرائع السابقة، وبه ينتفي الشكّ على فرض حصوله. [١٣١]
رابعا: إشكال اليهودي نشأ عن خطأ في نقل السيّد القزويني لكلام الإمام الرضا عليه‏السلام ممَّا جعل اليهودي يشكل بأنَّ المتيقَّن هو وجود موسى عليه‏السلام وهو جزئي حقيقي لايصدق على غير واحد، وجعله كلّيا خلاف التحقيق مع أنَّ الوارد في كلام الإمام عليه‏السلام: «أنا مقرٌّ بنبوَّة عيسى وكتابه وما بشَّر به أمَّته وأقرَّت به الحواريون» أي نبوة شخص عيسى.
نعم، قد ورد في ذيل الكلام المزبور: «وكافر بنبوَّة كلِّ عيسى لم يقرّ بنبوَّة محمَّد وكتابه» لكنَّه محمول على صدره ويفسَّر به، فالمراد: الاعتراف بنبوَّة عيسى عليه‏السلام مقيّدا بإخباره بنبوَّة محمد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله. ولايمكن أن يجعل الذيل تفسيرا للصدر؛ وذلك لأنَّ من المعلوم أنَّ عيسى عليه‏السلام كان جزئيا حقيقيا لا كلّيّا. [١٣٢]

18 ـ استصحاب الوصف المثبت للحكم الشرعي

وهو استصحاب حكم دلَّ الشرع على ثبوته ودوامه، كالملك عند جريان العقد المملِّك، وكشغل الذمة عند جريان إتلاف أو التزام، وكذلك الحكم بتكرُّر اللزوم والوجوب إذا تكرَّرت أسبابها، كتكرُّر شهر رمضان وأوقات الصلوات ونفقات الأقارب عند تكرُّر الحاجات. [١٣٣]
لم يتنازع الفقهاء في هذا النوع وإنَّما تنازعوا في بعض أحكامه لتجاذب المسألة أصلين متعارضين، مثاله: أنَّ مالك منع الرجل ـ إذا شكَّ هل أحدث أم لا ـ من الصلاة حتَّى يتوضَّأ، فاستصحاب الطهارة هنا متعارض مع لزوم تحصيل اليقين بالطهارة للدخول في الصلاة، ولايتحصَّل اليقين الأخير مع فرض الشكّ في الطهارة، كما هو فرض الاستصحاب، فتبقى الصلاة في ذمته لايفرغ منها حتى يحصِّل اتيانها بطهارة يقينيّة. [١٣٤]

المصادر

  1. دروس في علم الأصول 2 : 507، بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 235.
  2. دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 99.
  3. انظر : مصباح الأصول 3 : 103 ـ 104، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 100 ـ 101، دروس في علم الأصول 2 : 509ـ513، أنوار الأصول 3 : 337 ـ 338.
  4. فوائد الأصول 4 : 412.
  5. الاستصحاب كوثراني : 255.
  6. فوائد الأصول 4 : 412.
  7. الأصول العامة للفقه المقارن : 453.
  8. الاستصحاب الخميني : 84 .
  9. أنوار الأصول 3 : 341 ـ 342.
  10. فوائد الأصول 4 : 415.
  11. المصدر السابق : 415 ـ 416.
  12. انظر : فرائد الأصول 3 : 192 ـ 200، كفاية الأصول : 406 ـ 407، الاستصحاب الخميني : 84 ـ 87 ، دروس في علم الأصول 2 : 511 ـ 513.
  13. نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، حقائق الأصول 2 : 458، أنوار الأصول 3 : 344.
  14. أنوار الأصول 3 : 344 ـ 345 وانظر : نهاية الأفكار 4 ق 1 : 130، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 107 ـ 111.
  15. فوائد الأصول 4 : 421 ـ 422، وانظر : دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 108.
  16. مصباح الأصول 3 : 111.
  17. فوائد الأصول 4 : 423.
  18. أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 332.
  19. فرائد الأصول 3  : 195 .
  20. أنوار الأصول 3 : 348.
  21. فرائد الأصول 3 : 195.
  22. انظر : أنوار الأصول 3 : 348.
  23. فرائد الأصول 3 : 196.
  24. الوافية : 200.
  25. فرائد الأصول 3 : 121 ـ 148، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 87 ، المحكم في أصول الفقه 5 : 197 ـ 198.
  26. المحكم في أصول الفقه 5 : 197، وانظر : الوافية : 202 ـ 203.
  27. انظر : فرائد الأصول 3 : 121 ـ 148، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 87 ، المحكم في أصول الفقه 5 : 197 ـ 198.
  28. آل عمران : 44.
  29. الصافات: 141.
  30. انظر : أنوار الأصول 3 : 366.
  31. قواطع الأدلّة 2 : 209.
  32. اللمع : 136.
  33. المستصفى 1 : 246.
  34. قواطع الأدلة 2 : 211.
  35. اللمع : 136.
  36. الإحكام الآمدي 3ـ4 : 378.
  37. قواطع الأدلة 2 : 209 ـ 210.
  38. انظر : البحر المحيط 6 : 42، إرشاد الفحول 2 : 263 ـ 264.
  39. التبصرة : 285.
  40. انظر : اللمع : 136، المنخول : 231.
  41. المنخول : 232.
  42. انظر : البحر المحيط 6 : 44، إرشاد الفحول 2 : 264.
  43. الإحكام 3 ـ 4 : 385.
  44. البحر المحيط 6: 46 ـ 47.
  45. اللمع : 136.
  46. الإحكام 3 ـ 4 : 378.
  47. انظر : فرائد الأصول 3 : 225 ـ 233، كفاية الأصول : 412 ـ 414، نهاية الأفكار 4 ق1 : 173 ـ 177.
  48. الفصول الغروية : 315.
  49. مناهج الأحكام والأصول : 191، الفصول الغروية : 315.
  50. الكافي 2 : 74 كتاب الإيمان والكفر، باب الطاعة والتقوى ح2، وسائل الشيعة 17 : 45 كتاب التجارة، باب 12 من أبواب مقدمات التجارة ح2.
  51. فوائد الأصول 4 : 480.
  52. فرائد الأصول 3 : 225.
  53. فوائد الأصول 4 : 479.
  54. كفاية الأصول : 413.
  55. نهاية الأفكار 4 ق 1 : 177.
  56. انظر : البحر المحيط 6 : 46 ـ 47.
  57. آل عمران : 44.
  58. الصافات : 141.
  59. البيّنة : 5.
  60. يوسف : 72.
  61. آل عمران: 39.
  62. ص : 44.
  63. المائدة : 45.
  64. القصص : 27.
  65. انظر : أنوار الأصول 3 : 369 ـ 374.
  66. انظر : دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 88 ، أجود التقريرات 1 : 230 ـ 231.
  67. دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 88 ، مصباح الأصول 3 : 89 .
  68. الاستصحاب كوثراني : 289.
  69. المحكم في أصول الفقه 5 : 150.
  70. انظر : دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 88 ، مصباح الأصول 3 : 89 ، المحكم في أصول الفقه 5 : 150.
  71. انظر : تحريرات في الأصول 8 : 382.
  72. إرشاد الفحول 2 : 257.
  73. مدارك الأحكام 2 : 387.
  74. فرائد الأصول 3 : 27.
  75. راجع : التفاصيل الواردة تحت عنوان الحكم من نفس المقال.
  76. المحكم في أصول الفقه 5 : 347.
  77. فرائد الأصول 3 : 254.
  78. حواشي المشكيني على كفاية الأصول 4 : 582، ونقله عنه السيّد الحكيم في المحكم في أصول الفقه 5 : 347 ـ 348.
  79. فرائد الأصول 3 : 254.
  80. المحكم في أصول الفقه 5 : 348 ـ 349.
  81. دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 207.
  82. فرائد الأصول 3 : 259 ـ 260.
  83. فوائد الأصول 4 : 531.
  84. كفاية الأصول : 422.
  85. حقائق الأصول 2 : 513 ـ 514.
  86. كفاية الأصول : 423.
  87. الاستصحاب كوثراني : 302.
  88. نهاية الأفكار 4 ق 1 : 151.
  89. أنوار الأصول 3 : 358ـ359، وانظر : فرائد الأصول 3 : 205 ـ 208، فوائد الأصول 4 : 439 ـ 441، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 151 ـ 153.
  90. الاستصحاب الخميني : 120.
  91. انظر : نهاية الأفكار 4 ق 1 : 153 ـ 161، دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 129 ـ 133، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 6 : 273 ـ 280، أنوار الأصول 3 : 359ـ361.
  92. فرائد الأصول 3 : 27.
  93. نضد القواعد الفقهية : 63، القواعد والفوائد 1 : 132، تمهيد القواعد : 271، الوافية : 216.
  94. أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2 : 863 .
  95. القوانين المحكمة : 278، الحاشية على استصحاب القوانين الأنصاري : 266.
  96. فوائد الأصول 4 : 186.
  97. الوافية : 178.
  98. المستصفى 1 : 237.
  99. معارج الأصول : 208.
  100. أعلام الموقّعين 1 : 339.
  101. دراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 133 ـ 134.
  102. أنوار الأصول 3 : 361.
  103. انظر : فرائد الأصول 3 : 221 ـ 224، كفاية الاصول : 411 ـ 412.
  104. فوائد الأصول 4 : 463 ـ 473.
  105. أنوار الأصول 3 : 363.
  106. فرائد الأصول 3 : 223.
  107. المصدر السابق.
  108. بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 291.
  109. كفاية الأصول : 412.
  110. بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 281 ولاحظ تعليقة المحقّق العراقي على فوائد الأصول 4 : 464 ـ 466.
  111. بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 281، وانظر : أنوار الأصول 3 : 363 ـ 365.
  112. تبدو هذه التبريرات من كلمات الآخوند ، انظر : كفاية الأصول : 419.
  113. أنوار الأصول 3 : 392.
  114. انظر : فرائد الأصول 3 : 247 ـ 254، كفاية الأصول : 419 ـ 422، فوائد الأصول 4 : 503 ـ 530، نهاية الأفكار 4 ق 1 : 196 ـ 213، الاستصحاب الخميني : 170 ـ 188، دراسات في علم الأصول (الخوئي) 4 : 176 ـ 207، أنوار الأصول 3 : 392 ـ 401، آراؤنا في أصول الفقه 3 : 95 ـ 104.
  115. انظر : فرائد الأصول 3 : 396 ـ 399، كفاية الأصول : 430 ـ 431، بحوث في علم الأصول الهاشمي 6 : 353 ـ 359.
  116. نضد القواعد الفقهية : 63، القواعد والفوائد 1 : 133، تمهيد القواعد : 271، الوافية : 217.
  117. أعلام الموقّعين 1 : 341. وانظر : المستصفى 1 : 239، الواضح في أصول الفقه 3 : 194 ـ 195، إتحاف ذوي البصائر 3 : 1298.
  118. المستصفى 1 : 239.
  119. الإحكام الآمدي 3ـ4 : 374.
  120. الإحكام الآمدي 3ـ4 : 375، أعلام الموقّعين 1 : 343ـ344.
  121. البقرة : 187.
  122. الإسراء : 78.
  123. انظر : فرائد الأصول 3 : 203 ـ 205، وكفاية الاصول : 407 ـ 410، ونهاية الأفكار 4 ق 1 : 145 ـ 151، ودراسات في علم الأصول الخوئي 4 : 122 ـ 126، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 6 : 268 ـ 280.
  124. روضة الناظر : 80 .
  125. هداية المسترشدين 1 : 211، أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2 : 862 ، إتحاف ذوي البصائر 3 : 1299 ـ 1300.
  126. مصباح الأصول 3 : 214.
  127. بحار الأنوار 10 : 302.
  128. أنوار الأصول 3 : 403.
  129. نهاية الأفكار 4 ق 1 : 221 ـ 222.
  130. مصباح الأصول 3 : 215.
  131. أنوار الأصول 3 : 405.
  132. المصدر السابق : 405 ـ 406.
  133. المستصفى 1 : 238، وانظر : نضد القواعد الفقهية : 63، القواعد والفوائد 1 : 133، تمهيد القواعد : 271، الوافية : 217.
  134. أعلام الموقّعين 1 : 340.