أبو سعيد الخدري

من ویکي‌وحدت

أبو سعيد الخدري: من كبار الصحابة والراوى عن النبي صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام فهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة. والخُدريون: قبيلة من الأنصار، أصلهم من اليمن. وكان أبو سعيد ممّن حفظ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سنناً كثيرةً، وروى‏ عنه عِلْماً جمّاً، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم ولم يكن من أحداث الصحابة أفقه وأعلم من أبي سعيد الخُدْري، وهو الذي أدرك بيعة الشجرة، وكان قد شمّر عن ساعديه للذود والدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله منذ شبابه، وعمره في غزوة أحد ثلاث عشرة سنة، إلّا أنّه شهد بعد ذلك جميع غزوات النبي صلى الله عليه وآله. وشهد صفّين مع علي رضي اللَّه عنه، ثم رجع إلى‏ المدينة.

سَعْد بن مالك بن سِنان = أبو سعيد الخُدْري (... ــ 74ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو سعيد.[٢]
نسبه: الخَزْرَجي، الخُدْري.[٣]
لقبه: الأنصاري، العربي، المدني.[٤]
طبقته: صحابي.[٥]
اشتهر سعد بكنيته أكثر من الاسم.[٦] ويقال له: الخُدْري ؛ لأنّ جدّه أبْجَر بن عَوْف كان يُدعى‏: «خُدْرة»[٧]، والخُدريون: قبيلة من الأنصار، أصلهم من اليمن.[٨] وكانت أُمّه أُنَيْسة بنت أبي حارثة من بني عديّ بن النجّار ممّن بايعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله[٩]، واستشهد أبوه في معركة أُحد.[١٠] روى‏ الحاكم عن أبي سعيد: لمّا كان يوم أُحد شُجّ النبي صلى الله عليه وآله في جبهته، فأتاه مالك بن سنان - والد أبي سعيد - فمسح الدم عن وجه النبي صلى الله عليه وآله ثم ازدرده، فقال النبي صلى الله عليه وآله: «من سرّه أن ينظر إلى‏ من خالط دمي دمه فلينظر إلى‏ مالك بن سنان».[١١]
كان أبو سعيد ممّن حفظ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سنناً كثيرةً، وروى‏ عنه عِلْماً جمّاً، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم.[١٢] ويذكر أنّ سعداً كان من أهل الصفة[١٣]، روي عنه أنّه قال: قُتل أبي يوم أُحد شهيداً، وتركنا بغير مال، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أسأله شيئاً، فحين رآني قال: «من استغنى‏ أغناه اللَّه، ومن يستعفف أعفّه اللَّه» فقلت: ما يريد غيري، فرجعت.[١٤]
أدرك أبو سعيد بيعة الشجرة[١٥]، وكان قد شمّر عن ساعديه للذود والدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله منذ شبابه، فقد نقل الذهبي عنه قوله: «عُرضتُ يوم أُحد على‏ النبي صلى الله عليه وآله ولي ثلاث عشرة سنة، فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يا رسول اللَّه، إنّه عبل العظام وإن كان موذناً، قال: وجعل النبي صلى الله عليه وآله يصعّد فيَّ البصر ويصوّبه وقد استصغرني، ثم قال: رُدَّه، فردّني».[١٦] إلّا أنّ أبا سعيد شهد بعد ذلك جميع غزوات النبي صلى الله عليه وآله .[١٧]
وقال ابن حبيب: «وروي أنّ أبا سعيد الخُدْري شهد صفّين مع علي رضي اللَّه عنه، ثم رجع إلى‏ المدينة».[١٨]
وقال الميرداماد: «شهد الجمل وصفّين والنهروان».[١٩]
ونقل أبو إسحاق الثقفي: أنّه لمّا توجّه جيش معاوية نحو مكة مُغيراً عليها بقيادة يزيد بن شجرة الرهاوي، قدم أبو سعيد الخُدْري فسأل عن قثم - وكان عاملاً لعلي على‏ مكة - وكان له ودّاً وصفيّاً، فقيل: قد قدّم دوابه وحمل متاعه، يريد أن يتنحّى‏ عن مكة، فجاء فسلّم عليه، ثم قال له: ما أردتَ؟ قال له: قد حدث هذا الأمر الذي بلغك، وليس معي جند امتنع به، فرأيت أن اعتزل عن مكة، فإن يأتني جند أُقاتل بهم وإلّا كنت قد تنحّيت بدمي... الى‏ أن قال أبو إسحاق الثقفي: وتمكّن أخيراً من إقناع قثم بالعدول عن ترك مكة.[٢٠]
ونقل النووي عن حَنْظَلة بن أبي سُفيان، عن أشياخه، قالوا: «لم يكن من أحداث الصحابة أفقه من أبي سعيد الخُدْري، وفي رواية: أعلم».[٢١] واعتبره الذهبي إماماً مجاهداً، وأ نّه كان مفتي المدينة، وأحد الفقهاء المجتهدين.[٢٢]

أبو سعيد وأهل البيت عليهم السلام

ذكر الكشّي نقلاً عن الفضل بن شاذان: أنّ أبا سعيد الخُدْري كان من السابقين الذين رجعوا الى‏ أميرالمؤمنين عليه السلام .[٢٣] وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ أبا سعيد الخُدْري كان قد رُزق هذا الأمر». وعلّق عليه الميرداماد الاسترآبادي قائلاً: أي التشيّع والولاية لـ أهل البيت‏عليهم السلام .[٢٤] وروي عن الإمام السجاد عليه السلام: «أنّ أبا سعيد الخُدْري كان مستقيماً».[٢٥]

موقف الرجاليّين منه

عدّه الشيخ الطوسي من صحابة النبي صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام ومن رواتهما.[٢٦] وقال النووي: «روي لأبي سعيد 1170 حديثاً، كلّها عن النبي صلى الله عليه وآله».[٢٧]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى عن النبي صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام.[٢٨]
وروى‏ أيضاً عن جماعة من الصحابة، منهم: أبوبكر، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، زيد بن ثابت، أبو قتادة الأنصاري، عبداللَّه بن سلّام، مالك بن سنان (أبوه).
وروى‏ عنه جماعة كثيرة، منهم: ابن عباس، ابن عمر، جابر بن عبداللَّه، سعيد بن المسيِّب، الحسن البصري، حفص بن عاصم، سعيد بن جُبَيْر، عبيداللَّه بن عبداللَّه بن عُتبة بن مسعود، عامر بن سعد بن أبي وقّاص، الشعبي، شَهْر بن حَوْشَب، نافع مولى‏ ابن عمر، عطيّة العَوْفي، عطاء بن أبي رباح.
ووردت رواياته في صحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وسائر الجوامع الروائية لأهل السنّة.[٢٩] وقد أورد أحمد عدداً كبيراً من مسانيد سعد في مسنده[٣٠] وقد طُبعت هذه المسانيد بضميمة الروايات الأُخرى‏ لأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله ضمن مجموعة تحت عنوان «المسند الجامع».[٣١]
كما ووردت رواياته أيضاً في بعض المصادر الروائية للشيعة.[٣٢] وقد عدّه العلّامة الأميني ضمن رواة الغدير، وأورد روايته بمدارك ومصادر كثيرة.[٣٣]

من رواياته

روى أحمد بسنده عنه: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة».[٣٤]
ونقل أيضاً عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: «إنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى‏ الأرض، وعترتي أهل بيتي. وأ نّهما لن يفترقا حتّى‏ يردا عليَّ الحوض».[٣٥]
وعنه أيضاً قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة ولافخر، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر»[٣٦]

وفاته

أقام أبو سعيد الخُدْري بعد عودته من صفّين في المدينة المنورة، وبقي فيها حتّى توفّي سنة 74 هـ، ودُفن في البقيع.[٣٧]

الهوامش

  1. سير أعلام النبلاء 3: 168، رجال البرقي: 2، 3.
  2. كتاب التاريخ الكبير 4: 44، كتاب الثقات 3: 150، جامع الرواة 1: 352.
  3. الإصابة 3: 65، قاموس الرجال 5: 63.
  4. تذكرة الحفّاظ 1: 44، رجال الطوسي: 43.
  5. تقريب التهذيب 1: 346، معجم رجال الحديث 9: 49.
  6. الإصابة 3: 65، أعيان الشيعة 7: 227.
  7. تهذيب تاريخ دمشق 6: 110، الطبقات الكبرى‏ 5: 268.
  8. كتاب الثقات 3: 150.
  9. أُسد الغابة 5: 406.
  10. مستدرك الحاكم 3: 564.
  11. المصدر السابق.
  12. الاستيعاب 2: 602.
  13. حلية الأولياء 1: 369.
  14. أُسد الغابة 2: 290، صفة الصفوة 1: 715.
  15. سبل السلام 1: 16.
  16. مستدرك الحاكم 3: 563. وعبل العظام: ضخمها.
  17. وانظر: شذرات الذهب 1: 81، مستدرك الحاكم 3: 563.
  18. المحبّر: 291.
  19. رجال الكشّي (مع تعليقة الميرداماد)1: رقم (83) الهامش.
  20. الغارات 2: 504 - 510.
  21. تهذيب الأسماء واللغات 2: 237، الإصابة 3: 66.
  22. سير أعلام النبلاء 3: 168، 169، طبقات الفقهاء: 33.
  23. رجال الكشّي: رقم (78).
  24. المصدر السابق: رقم (84).
  25. المصدر نفسه: رقم (85).
  26. رجال الطوسي: 20، 43.
  27. تهذيب الأسماء واللغات 2: 237.
  28. تهذيب الكمال 10: 295.
  29. تهذيب الكمال 10: 300، تهذيب التهذيب 3: 416.
  30. مسند أحمد 3: 2 - 98.
  31. المسند الجامع 6: 158 - 575.
  32. أنظر: كفاية الأثر 28 - 34، كتاب الخصال: 28، 44، 65، 75، أمالي المفيد: 135، 139.
  33. الغدير 1: 42. وانظر: البداية والنهاية 7: 350، مجمع الزوائد 9: 108.
  34. مسند أحمد 3: 3.
  35. المصدر السابق: 14.
  36. المصدر نفسه: 2.
  37. مستدرك الحاكم 3: 563، الاستيعاب 2: 602، تاريخ بغداد 1: 181، المعارف: 268.