أبو الأسود الدؤلي

من ویکي‌وحدت

أبو الأسود الدؤلي: كان من كبار التابعين، أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبي صلى الله عليه وآله. وذكروا: أنّه مؤسّس علم النحو والإعراب، وأوّل من نقّط المصاحف. وصرّح أبو الأسود أنّه قد تعلّم أبواب علم النحو من الإمام علي عليه السلام، وأسلم أبو الأسود في عصر النبي صلى الله عليه وآله، وقد عدّه البعض صحابياً، إلّا أنّ الرجاليّين وأصحاب التراجم لم يقبلوا ذلك. واشترك في معركة الجمل وصفّين مع علي عليه السلام. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وأثنى‏ عليه جميع الرجاليّين من الشيعة و أهل السنة معاً، ووثّقه أيضاً بعض كبارهم؛ كابن سعد والعجلي وابن حبان. وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام علي والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام.

ظالم بن عمرو بن سُفيان = أبو الأسود الدُؤَلي (... ــ 69ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو الأسود.[٢]
نسبه: الديلي، الدُؤَلي.[٣]
لقبه: البصري، قاضي البصرة.[٤]
طبقته: الثانية (من المخضرمين).[٥]
اشتهر بكنيته، وكان من كبار التابعين، أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبي صلى الله عليه وآله.[٦] وكان له من الأبناء: عطاء بن أبي رباح وأبو حرب، اشتهر الأول بعلم النحو، وأمّا الثاني فكان عاقلاً شاعراً.[٧] وحكى‏ ابن خلّكان: أنّه كان أحول، وذكر أنّه أصابه الفالج، فكان يخرج إلى‏ السوق يجرّ رجله، وقال: «كان من أكمل الرجال رأياً، وأسدّهم عقلاً».[٨] وقال ابن حبان: «هو أوّل من تكلّم في النحو».[٩]
وقال الذهبي: «كان من وجوه الشيعة، ومن أكملهم عقلاً ورأياً».[١٠] وقال الجاحظ: «كان أبو الأسود معدوداً في طبقات من الناس، مقدّماً في كلٍّ منها، كان يُعدّ من التابعين، وفي الشعراء والفقهاء، والمحدّثين والأشراف، والفرسان والأُمراء، والنُحّاة والحاضري الجواب، والشيعة والبخلاء»[١١] وكذلك صرّح بتشيّعه ابن سعد في طبقاته[١٢]
وذكر البعض: أنّه ولي قضاء البصرة.[١٣] كما وذكروا: أنّه مؤسّس علم النحو والإعراب، وأوّل من نقّط المصاحف.[١٤] وصرّح أبو الأسود أنّه قد تعلّم أبواب علم النحو من الإمام علي عليه السلام، فهو عندما سئل: من أين لك هذا العلم، أي النحو؟ قال: أخذت حدوده عن علي بن أبي طالب‏عليه السلام.[١٥]
أسلم أبو الأسود في عصر النبي صلى الله عليه وآله، وقد عدّه البعض صحابياً، إلّا أنّ الرجاليّين وأصحاب التراجم لم يقبلوا ذلك.[١٦] واشترك في معركة الجمل وصفّين مع علي عليه السلام.[١٧] وذكر الطبري أنّه عندما قرب جيش عائشة من البصرة - قبيل حرب الجمل - دعا عثمان بن حنيف عمران بن حصين وكان رجل عامة، ومعه أبا الأسود الدؤلي وكان رجل خاصّة، فقال: «انطلقا إلى‏ هذه المرأة، فاعلما علمها وعلم من معها».[١٨]
ولمّا أتى‏ أبا الأسود الدؤلي - وهو بالبصرة - نعيُ أمير المؤمنين عليه السلام وبيعة الحسن عليه السلام، قام على‏ المنبر فخطب الناس، ثم بكى‏ حتّى‏ اختلفت أضلاعه، وبعد إشادته بالإمام الحسن عليه السلام دعا الناس إلى‏ بيعته، فأعلن جميع الشيعة البيعة للإمام الحسن عليه السلام.[١٩]

موقف الرجاليّين منه

أثنى‏ عليه جميع الرجاليّين من الشيعة وأهل السنّة معاً، ووثّقه أيضاً بعض كبارهم؛ كابن سعد والعجلي وابن حبان.[٢٠] وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام علي والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام.[٢١] وذكره ابن داود في القسم الأول من كتابه.[٢٢] وقال المامقاني: «لايخفى‏ أنّ الرجل من الحسان، لكونه شيعياً ممدوحاً».[٢٣]

أبو الأسود وأهل البيت عليهم السلام

كان أبو الأسود الدؤلي نازلاً في بني قُشَير، لأنّ امرأته أمّ عوف منهم وكانت بنو قُشَير تخالف علياً عليه السلام، وكانوا ينالون من علي عليه السلام بحضرته؛ ليغيظوه به، بل ويرمونه بالليل، فإذا أصبح قال لهم: يا بني قُشَير، أيّ جوار هذا؟! فيقولون له: لم نرمِك، إنّما رماك اللَّه لسوء مذهبك وقبح دينك ! فيقول لهم: تكذبون، لو رجمني اللَّه لأصابني، ولكنّكم ترجمون ولاتصيبون.[٢٤]
ولمّا أتاه نعيُ أمير المؤمنين عليه السلام قام على‏ المنبر في البصرة فخطب الناس، فقال: «فياللَّه هو من قتيل! وأكرِم به وبمقتله وروحه من روح عَرَجت إلى‏ اللَّه تعالى‏ بالبّر والتقى‏، والإيمان والإحسان! لقد أطفأ منه نور اللَّه في أرضه لايبين بعده أبداً، وهدم ركناً من أركان اللَّه تعالى‏ لايُشاد مثله، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون».[٢٥]
وكتب إليه معاوية - بعد بيعة الإمام الحسن عليه السلام - ودسّ إليه رسولاً يُعلمه أنّ الحسن عليه السلام قد راسله في الصلح، ويدعوه إلى‏ أخذ البيعة له بالبصرة، ويعده ويُمنّيه، فأنشأ أبوالأسود أبياتاً في رثاء علي عليه السلام، منها:
ألا أبلغ معاوية بن حرب‏
فلا قرّت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طُرّاً أجمعينا.[٢٦]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام علي عليه السلام.[٢٧]
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: أُبيّ بن كعب، الزبير، ابن عباس، ابن مسعود، عمر ابن الخطاب، معاذ بن جبل، أبو ذّر، أبو موسى‏، عِمْران بن حُصَين.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: ابنه أبو حرب، سعيد بن عبد الرحمان، عبداللَّه بن بُريدة، عمر بن عبداللَّه، يحيى‏ بن يَعْمر. ووردت أحاديثه في الصحاح الستة، وبعض مصادر الشيعة.[٢٨]

من رواياته

نقل الحاكم عن أبي الأسود قال: شهدت الزُبير خرج يريد علياً، فقال له علي: أُنشدك اللَّه، هل سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: «تقاتله وأنت له ظالم؟»، فقال: لم أذكر، ثم مضى‏ الزبير منصرفاً. ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح.[٢٩]
وروى‏ أبو الأسود عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «يا أبا ذرّ، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاسمع منه، فإنّه تلقى‏ إليه الحكمة» فقلت: يا رسول اللَّه، من أزهد الناس؟ قال: «من لم ينس المقابر والبلى‏، وترك ما يفنى‏ لمّا يبقى‏، ومن لم يعدّ غداً من أيّامه، وعدّ نفسه في الموتى‏» قال: قلت: يا رسول اللَّه، أيّ المؤمنين أكيس؟ قال: «أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم له استعداداً».[٣٠]

وفاته

توفّي أبو الأسود أيام ابن زياد على‏ العراق سنة 69 هـ بالبصرة، بسبب طاعون «الجارف».[٣١]

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى‏ 7: 99، معجم رجال الحديث 10: 187، النجوم الزاهرة 1: 184. وقال المزي ويقال: اسمه عمرو بن ظالم، ويقال: عمرو بن سفيان، ويقال: عثمان بن عمرو. وقال الواقدي: اسمه عُويمر بن ظويلم. (تهذيب الكمال 33: 37).
  2. أُسد الغابة 3: 69، جامع الرواة 1: 423، كتاب التاريخ الكبير 6: 334.
  3. اللباب في تهذيب الأنساب 1: 514، الجرح والتعديل 4: 503، تهذيب الكمال 33: 37، تهذيب الأسماء واللغات 2: 175.
  4. تهذيب الكمال 33: 37، مختصر تاريخ دمشق 11: 221، سير أعلام النبلاء 4: 81.
  5. تقريب التهذيب 2: 391.
  6. الإصابة 3: 304، البداية والنهاية 8: 412.
  7. المعارف: 435.
  8. وفيات الأعيان 2: 535، 536، 538.
  9. كتاب الثقات 4: 400، أُسد الغابة 3: 70.
  10. سير أعلام النبلاء 4: 82.
  11. الإصابة 3: 304، وانظر: تاريخ الإسلام 5: 280.
  12. الطبقات الكبرى‏ 7: 99.
  13. الجرح والتعديل 4: 503، تهذيب الكمال 33: 37.
  14. تاريخ الإسلام 5: 278، معجم الأدباء 12: 34، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام 46- 61. وذكر الذهبي عدّة روايات عن كيفية إقدام أبي الأسود على‏ تأسيس علم النحو، وكذلك إعراب القرآن، وأول خطوة على‏ طريق إعراب القرآن قام بها أبو الاسود هي الاستفادة من النقاط، حيث كانت النقطة فوق الحرف تشير إلى‏ الفتح، وبين يدي الحرف تشير إلى‏ الضم، وتحت الحرف تشير إلى‏ الكسر. (تاريخ الإسلام 5: 278 - 279، الأغاني 12: 299).
  15. الأغاني 12: 599، فهرست ابن النديم: 45، تاريخ الإسلام 5: 278.
  16. أُسد الغابة 3: 70، الإصابة 3: 306.
  17. كتاب الثقات 4: 400، تهذيب الكمال 33: 38.
  18. تاريخ الطبري 4: 461.
  19. الأغاني 12: 328.
  20. تنقيح المقال 2: 111، رجال ابن داود: 112، تهذيب الكمال 33: 38، الطبقات الكبرى‏ 7: 99، تاريخ الثقات: 238، كتاب الثقات 4: 400.
  21. رجال الطوسي: 46، 69، 75، 95، ولاحظ: مستدركات علم رجال الحديث 4: 301.
  22. رجال ابن داود: 112.
  23. تنقيح المقال 2: 111.
  24. وفيات الأعيان 2: 535، الأغاني 12: 321.
  25. الأغاني 12: 328.
  26. المصدر السابق، وانظر: الكامل في التاريخ 3: 395.
  27. رجال صحيح البخاري 1: 379، رجال صحيح مسلم 1: 333، تهذيب الكمال 33: 37.
  28. تهذيب الكمال 33: 38، أمالي الطوسي: 557.
  29. المستدرك على الصحيحين 3: 366.
  30. مستدرك الوسائل 2: 101.
  31. تهذيب الكمال 33: 38، تهذيب التهذيب 12: 13، العبر في خبر من غبر 1: 57، بغية الوعاة 22: 23.